للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان في أول البدء في عالم الذر أول مجيب، إذ هو أول من قال: بلى، إذ أخذ ربه الميثاق على الذرية الآدمية، فأشهدهم على أنفسهم، ألست بربكم. فهو صلى الله عليه وسلم الأول في ذلك كله على الإطلاق.

وأما "الآخر" فلأنه آخر الأنبياء في البعث كما في الحديث.

وأما "الظاهر" فلأنه ظهر على جميع الظاهرات ظهوره، وظهر على الأديان دينه، فهو الظاهر في وجود الظهور كلها.

أما "الباطن" فهو المطلع على بواطن الأمور بواسطة ما يوحيه الله تعالى إليه.


كان في أول البدء في عالم الذر أول مجيب إذ هو أول من، قال: بلى" أنت ربنا "إذ أخذ ربه الميثاق على الذرية الآدمية" كما هو نص الآية، لا الملائكة وغيرهم من الحيوانات؛ لأنهم ليسوا محلا للمخالفة، ولا الجن، "فاشهدهم على أنفسهم ألست بربكم، فهو صلى الله عليه وسلم الأول" السابق "في ذلك كله على الإطلاق" لم يتقدمه أحد في شيء منه، "وأما "الآخر" فلأنه آخر الأنبياء في البعث، كما في الحديث، عند ابن أبي حاتم وغيره عن أبي هريرة كتب أول الأنبياء خلقا وآخرهم بعثا. وروى ابن سعد من مرسل قتادة كنت أول الناس في الخلق وآخرهم في البعث، وهذان الاسمان مما سماه الله به من أسمائه الحسنى، وإن كان معنى الأول في حقه تعالى السابق للأشياء قبل وجودها بلا بداية، والآخر للأشياء بعد فنائها، بلا نهاية.
قال عياض وتحقيقه أنه ليس له أول، ولا آخر، وقد غفل وجمد من اعتراض على عياض بأنه لا مناسبة بينهما، فإنهما في حقه تعالى غيرهما في حقه صلى الله عليه وسلم، فكفاه شرفا تسميته بأسماء ربه ومشاركته في اللفظ وإن اختلف المعنى، ومثل هذا لا يخفى حتى يعترض له، "وأما "الظاهر" فلأنه ظهر" غلب "على جميع الظاهرات ظهوره" فاعل ظهر "وظهر على الأديان دينه فهو الظاهر في وجوه الظهور كلها"، والظهور العلو والغلبة وقيل معناه الجلي الواضح الذي لا يخفى على عاقل ظهوره، "وأما الباطن، فهو المطلع على بواطن الأمور بواسطة ما يوحيه الله تعالى إليه" وقال الشامي كأن معناه في حقه صلى الله عليه وسلم الذي لا تدرك غاية مقامه وعظم شأنه الذي خصه الله به لقصور العقول عن ذلك وهما أيضا مما سماه الله به من أسمائه ومعنى الظاهر في حقه المجلي الوجود بالآيات والقدرة والباطن المنزة عن الابصار، فلا تراه، أو المطلع على بواطن الأمور، فلا يعتريه فيها اشتباه أو الباطن بذاته الظاهر بآياته، وقيل الذي لا تدرك كنهه العقول، ولا تدركه الحواس.

<<  <  ج: ص:  >  >>