وأما "الخبير" فمعناه: المطلع على كنه الشيء، العالم بحقيقته، وقيل: المخبر، فقال تعالى:{الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا}[الفرقان: ٥٩] . قال القاضي بكر بن العلاء -فيما ذكره في الشفاء: المأمور بالسؤال غير النبي صلى الله عليه وسلم، والمسئول الخبير هو النبي صلى الله عليه وسلم. وقال غيره: بل السائل النبي صلى الله عليه وسلم
الدنيوية والأخروية، "والعليم" اسم فاعل للمبالغة الذي له كمال العلم وثباته، وهما مما سماه به تعالى من أسمائه، "والمعلم" اسم مفعول من التعليم، أو اسم فاعل، وهما اسمان، كما مر في السرد "ومعلم أمته" بكسر اللام المرشد لهم للخير، والدال عليه، واستدل للأولين ولثالث على أنه اسم مفعول بقوله: "فقال تعالى: {وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَم} " أرشدك وهداك إلى ما لم يكن لك به علم، ولا سبق لك فيه معرفة من حوادث الأمور وضمائر القلوب وأسرار الغيوب، وأمر الدين، والأحكام وشرائع الإسلام، وعلى الأخيرين، أو الأخير بقوله، "وقال تعالى: {وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ} الآية القراءن، {وَالْحِكْمَةَ} ما فيه من الأحكام {وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُون} من المواعظ، وأخبار من مضى، وأحوال القيامة ومقدماتها، وغير ذلك مما لا طريق له سوى الوحي غير المتلو ولذا أعيد الفعل لتغايرهما، "وأما الخبير" وهو مما سماه الله تعالى به من أسمائه، "فمعناه" في حق الله ورسوله "المطلع" الواقف على كنه" بضم فسكون، أي حقيقة "الشيء العالم بحقيقته" وهي ذاته، لا غايته، كما قيل، وهو في حق الله واضح وفي حق رسوله كذلك، باطلاع الله تعالى له بوحيه، "وقيل" بمعناه "المخبر" بكسر الباء، أي أنبياءه ورسله بكلامه المنزل عليهم وعباده يوم القيامة بأعمالهم فإنه لا يغرب عن علمه شيء وفي حق رسوله بما نزل عليه من القرآن وغيره "فقال" الفاء للتعليل، أي لقوله "تعالى:" {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا} ، عالما أي عنه، والضمير، لما قبله من خلق السماوات والأرض والاستواء، "قال القاضي بكر" بفتح الموحدة ابن محمد "بن العلاء" بن زياد القشيري، وأمه من ولد عمران بن حصين أبو الفضل البصري، ثم المصري أحد كبار الفقهاء المالكية وعلماء الحديث صاحب التصانيف مات بمصر سنة أربع وأربعين وثلاثمائة، وقد جاوز الثمانين بأشهر. "فيما ذكره في الشفاء" عياض "المأمور بالسؤال" في الآية "غير النبي صلى الله عليه وسلم" من كل من يتأتى منه السؤال، لا النبي؛ لأنه المخاطب، "والمسئول الخبير هو النبي صلى الله عليه وسلم" لأنه العالم بحقيقة ما ذكره دون غيره فدل على تسميته خبيرا. "وقال غيره" غير القاضي بكر، "بل السائل النبي صلى الله عليه وسلم"