للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال عليه الصلاة والسلام: "أنا ولي كل مؤمن".

وأما "الأمين" فقد كان عليه الصلاة والسلام يعرف به، وشهر به قبل النبوة وبعدها، وأحق العالمين بهذا الاسم، فهو أمين الله على وحيه ودينه، وهو أمين من في السماء والأرض.

وأما "الصادق" و"المصدوق" فقد ورد في الحديث تسميته بهما، ومعناهما غير خفي،.


الذين آمنوا ومعناهما الناصر، أي الذي ينصرهم على أعدائهم.
قال تعالى: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا} [المائدة: ٥٥] ، أي ناصركم ولم يقل أولياؤكم؛ لأن نصرتهم واحدة، أو لأن الناصر إنما هو الله وغيره بتبعيته وإعانته، كما قال: وما النصر إلا من عند الله، "فقال عليه الصلاة والسلام" كما رواه البخاري عن أبي هريرة "أنا ولي كل مؤمن"، ناصره ومتوليه، والقائم بمصالحه.
وفي البخاري أيضا مرفوعا "ما من مؤمن إلا وأنا أولى به في الدنيا، والآخرة، فمن ترك مالا فلعصبته من كانوا، فإن ترك دينا، أو ضياعا فليأتني، فأنا مولاه"، وقال صلى الله عليه وسلم: "من كنت مولاه فعلي مولاه"، رواه الترمذي وحسنه "وأما الأمين" فعيل بمعنى مفعول مبالغة، أو بمعنى فاعل من أمن ككرم، فهو أمين "فقد كان عليه الصلاة والسلام يعرف به" من صغره، "وشهر به قبل النبوة وبعدها" فكانت توضع عنده الودائع، والأمانات، ومن ثم لما هاجر خلف عليا ليؤدي عنه الودائع وبه سماه الله في قوله مطاع، ثم أمين في أحد القولين. وسماه به كعب بن مالك في شعره، "وهو أحق العالمين بهذا الاسم" لوقاره وصدق لهجته، واجتنابه الأدناس، والقاذورات، وقوته على الطاعات، ولأنه الحافظ للوحي، كما قال: "فهو أمين الله على وحيه ودينه، وهو أمين من في السماء والأرض" أمره وحكمه، وقد مر شرح هذا الاسم مبسوطا، "وأما الصادق" اسم فاعل من الصادق، "والمصدوق" اسم مفعول من صدق المتعدي كقوله صادق وعده، "فقد ورد في الحديث" الصحيح "تسميته بهما" فقال ابن مسعود، حدثنا رسول الله، وهو الصادق المصدوق أخرجه البخاري وغيره، وكذا ورد في عدة أحاديث، ولا يضر كونها موقوفة؛ لأن الموقوف يقال له حديث.
قال ابن دحية: كان الصادق المصدوق علما، واضحا له إذ جرى مجرى الأسماء، "ومعناهما غير خفي" وهو أنه صادق في نفسه وصدق الأنبياء، والكتب التي قبله، وليس بمكذب عند الناس.

<<  <  ج: ص:  >  >>