وقال القاضي أبو بكر بن العربي، قال علماؤنا: سمي سراجا؛ لأن السراج الواحد يؤخذ منه السرج الكثيرة، ولا ينقص من ضوئه شيء، وكذلك سرج الطاعات أخذت من سراجه صلى الله عليه وسلم ولم ينقص من أجره شيء وفسر السراج أيضا بالحجة، والهادي؛ لأنه حجة الله الظاهرة، كالسراج على الخلائق وهاديهم إلى الدين القويم، "وأما الهادي" وهو من أسمائه تعالى كما مر فبمعنى الدلالة، أي ذو الدلالة؛ لأنه اسم فاعل من هدى هداية، وهي الدلالة إن تعدت بحرف الجر، والوصول إن تعدت بنفسها. قال الراغب: أصل معنى الهداية الدلالة بلطف، لما يوصف، أو الموصلة على الخلاف المشهور، وهي أنواع ما يعم كل مكلف من العقل والعلوم الضرورية، ودعاؤه إياهم على ألسنة رسله، والتوفيق الذي يختص به من اهتدى. والتي في الآخرة في قوله الحمد لله الذي هدانا لهذا، ولا يقدر الإنسان بهدى إلا بالدعاء، ولذا بقيت تارة، وأثبتت أخرى انتهى، "والدعاء" أي الدعوة، ومنه قوله: ولكل قوم هاد، أي داع، وتطلق على خلق الاهتداء، وهو التوفيق وذلك مختص بالله، ولذا، قال: لا تهدي من أحببت وبمعنى الدلالة والدعاء على غيره، كما "قال الله تعالى له: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي} [الشورى: ٥٢] ، تدل وتدعو {إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الشورى: ٥٢] لا عوج فيه، طريق الإسلام الموصلة إلى سعادة الدارين على القراءة المشهورة بالبناء للفاعل، وقرئ شاذا للمفعول، فهو الله، وقال تعالى فيه: {وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِه} أي إرادته وتيسيره، والإذن يستعمل مجازا مشهورا في ذلك، وعبر أولا بله؛ لأنه خطاب، يقال: قال له كذا إذا خاطبه، وثانيا بفيه لعدم الخطاب؛ لأنه في حقه ووصفه فسقط زعم أنه لا وجه لتغاير المتعلقين.