للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما "البرهان" فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ} [النساء: ١٧٤] قيل: محمد صلى الله عليه وسلم، وقيل معجزاته وقيل القرآن.

وأما "النقيب" فروي أنه صلى الله عليه وسلم لما مات نقيب بني النجار أبو أمامة أسعد بن زرارة وجد عليه صلى الله عليه وسلم ولم يجعل عليهم نقيبا بعده، وقال: "أنا نقيبكم" فكانت من مفاخرهم، والنقيب هو شاهد القوم وناظرهم وضمينهم.

وأما "الجبار" فسمي به في مزامير داود، في قوله من مزمور أربعة وأربعين.

تقلد أيها الجبار سيفك، فإن ناموسك وشرائعك.


"وأما البرهان" الحجة الواضحة النيرة التي تعطي اليقين، وهو من أسمائه تعالى، كما في رواية ابن ماجه، "فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ} [النساء: ١٧٤] "قيل محمد صلى الله عليه وسلم" كما فسره به سفيان بن عيينة، وجزم به ابن عطية، والنسفي، والجلال، فهو المعتمد، "وقيل معجزاته، وقيل القرآن" وهو أجل معجزاته وعلى كل منها يصح تسميته بالبرهان، كما لا يخفى، "وأما النقيب فروي" عند الحاكم في المستدرك من طريق الواقدي عن ابن أبي الرجال، "أنه صلى الله عليه وسلم" لما مات نقيب بني النجار أبو أمامة أسعد بن زرارة،، الخزرجي النجاري، شهد العقبتين، ويقال إنه أول من بايع ليلة العقبة، مات على رأس تسعة أشهر من الهجرة في شوال، كما في نفس هذه الرواية المذكورة "وجد" بفتح الجيم، والمهملة حزن "عليه صلى الله عليه وسلم" فجاء بنور النجار، فقالوا: يا رسول الله مات نقيبا فنقب علينا، فقال: "أنتم أخوالي" "ولم يجعل عليهم نقيبا بعده، وقال: "أنا نقيبكم"، فكانت من مفاخرهم" الجليلة، "والنقيب هو شاهد القوم وناظرهم وضمينهم" وأمينهم؛ لأنه صلى الله عليه وسلم شهيد على أمته، وناظر، لما عملوا وضمين لهم الجزاء الأوفى على العمل الصالح والتجاوز عن السيئات والشفاعة حتى يدخلهم الجنة، ولو بعد تعذيب، وفي الشامية أصله لغة النقب الواسع، فنقيب القوم هو الذي ينقب عن أحوالهم، فيعلم ما خفي منها.
"وأما الجبار" وهو من أسمائه تعالى، كما مر بمعناه، "فسمي به" بالبناء للمجهول، أي سماه الله في "مزامير داود" أي الصحف الإلهية المنزلة عليه "في قوله من مزمور أربعة وأربعين" مخاطبا له صلى الله عليه وسلم لتنزيله منزلة الموجود لتحققه عنده، "تقلد" أمر "أيها الجبار سيفك" أي اجعل حمائله على عاتقك، واحمله كالقلادة، وفيه إشارة إلى أنه سيؤمر بالجهاد، "فإن ناموسك" الوحي النازل عليك، أو عظمتك في قلوب الناس، "وشرائعك" جمع شريعة، ونسخة سراياك تحريف، فالذي ذكره عياض، وابن دحية شرائعك وقال في شرح الشفاء يحتمل أنه عطف تفسير، ولذا

<<  <  ج: ص:  >  >>