للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مقرونة بهيبه يمينك؛ لأنه الجبار الذي جبر الخلق بالسيف على الحق، وصرفهم عن الكفر جبرا، قال القاضي عياض: وقد نفي الله عنه في القرآن جبرية التكبر التي لا تليق به فقال: {وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ} [ق: ٤٥] .

وأما "الشاهد" و"الشهيد" فسماه الله تعالى بهما في قوله: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا} [الأحزاب: ٤٥] أي على من بعث إليهم بتصديقهم وتكذيبهم، ونجاتهم وضلالهم. وفي قوله تعالى: {وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} [البقرة: ١٤٣] ، روي أن الأمم يوم القيامة يجحدون تبليغ أنبيائهم،


وحد الخبر في قوله: "مقرونة بهيبة يمينك" أي بالخوف من سيفك فكني بما ذكر عنه، أو تجوز باليمين عما فيه.
سمي بذلك "لأنه الجبار"، أي المجاهد القتال "الذي جبر الخلق بالسيف على الحق وصرفهم عن الكفر جبرا" أو لإصلاحه أمته بالهداية والتعليم، أو لقهر أعدائه، أو لعلو منزلته على الخلق، وعظم خطره، وهو من أسمائه تعالى.
بهذه المعاني الثلاثة، كما في الشفاء وبمعنى المتكبر.
"قال القاضي عياض: وقد نفى الله عنه في القرآن جبرية" بفتح الباء وسكونها وصوب.
قال أبو عبيد أنه مولد، وأضافها إلى "التكبر" احترازا عن الجبرية بمعنى الجبر خلاف القدرية التي لا تليق به؛ لأنها من صفات الله التي لا تناسب غيره، "فقال وما أنت عليهم بجبار" لا بمتكبر، ولا متعاظم، بل أنت لين هين، تدعوهم بفق وتهديهم بناء على أن الآية محكمة، وقيل معناها بمسلط، وبه فسرها ابن عباس وغيره، وهي منسوخة آية القتال؛ لأنها مكية وآيته مدنية.
قال السيوطي فيكون حينئذ جبارا، بمعنى المسلط بعد أمره بالقتال، وهو المناسب لسياق الزور، "وأما الشاهد" العالم، أو المطلع الحاضر، "والشهيد" العليم، أو العدل المزكي، وهو من أسمائه تعالى، أي الذي لا يغيب عنه شيء أو الشهيد يوم القيامة بما علم.
قال ابن الأثير فعيل من أبنية المبالغة، في فاعل، فإذا اعتبر العلم مطلقا، فهو العليم، فإذا أضيف إلى الأمور الباطنة، فهو الخبير، أو إلى الظاهر، فهو الشهيد انتهى. "فسماه الله تعالى بهما" فسماه بالشاهد في قوله {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا} حال مقدرة، أي مقبولا شهادتك "على من بعثت إليهم" ولهم "بتصديقهم وتكذيبهم ونجاتهم وضلالهم، و" بالشهيد في قوله تعالى: {وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} معدلا مزكيا.
قال البيضاوي "روى" عند مسلم بمعناه "إن الأمم يوم القيامة يجحدون" ينكرون "تبليغ أنبيائهم" لعل المراد أكثر الأمم، وقد روى الشيخان عن أبي سعيد رفعه يدعى نوح يوم القيامة،

<<  <  ج: ص:  >  >>