قال ابن المنير عبر بصيغة المفعول لا الفاعل إشارة إلى أن الحزن ليس من فعله، بل من غيره ولا يكلف الإنسان بفعل غيره وهو العين والقلب، كما قال: "تبكي العين ويحزن القلب" لرفته، "ولا نقول ما يسخط الرب" وفي الصحيح: "ولا نقول إلا ما يرضي ربنا". قال ابن المنير: أضاف الفعل إلى الجارحة تنبيها على أن مثل هذا لا يدخل تحت قدرة العبد، ولا يكلف الانكفاف عنه، وكأن الجارحة امتنعت فصارت هي الفاعلة لا هو، وأما نطق اللسان فيملك انتهى. زاد في حديث عبد الرحمن بن عوف، لولا أنه أمر حق ووعد صدق وسبيل مأتية، وأن آخرنا سيلحق أولنا لحزنا عليك حزنا هو أشد من هذا، "خرجه بهذا السياق" أي اللفظ "أبو عمرو بن السماك ومعناه في الصحيح"، من حديث أنس وقد قدمنا لفظه وليس في هذه الرواية زيادة شيء عليه حتى يعدل عن الصحيح إليه. قال ابن بطال: فسر هذا الحديث البكاء المباح والحزن الجائز، وهو ما كان بدمع العين ورقة القلب من غير سخط أمر الله، وهو أبين شيء وقع في هذا المعنى، وفيه مشروعية تقبيل الولد وشمه والرضاع وعبادة الصغير والحضور عند المحتضر ورحمة العيال وجواز الإخبار عن الحزن، وإن كان الكتمان أولى وفيه وقوع الخطاب للغير وإرادة غيره بذلك، وكلاهما مأخوذ من مخاطبة النبي صلى الله عليه وسلم ولده مع أنه في تلك الحالة لم يكن يفهم الخطاب لصغره وكونه في النزع، وإنما أراد بالخطاب غيره من الحاضرين إشارة إلى أن ذلك لم يدخل في نهيه السابق، وجواز الاعتراض على من خالف فعله ظاهر قوله ليظهر الفرق، قيل وفيه تقبيل الميت وشمه، ورده ابن التين بأن القصة إنما وقعت قبل الموت، وهو كما قال انتهى من فتح الباري، "وتوفي وله سبعون يوما فيما ذكره أبو داود" وحكاه البيهقي. قال في الإصابة فعليه يكون مات سنة تسع انتهى، وتبرأ منه لنقل صاحب النور أن رواية سبعين يوما وهم، وجزم الواقدي بأنه مات سنة عشر "في ربيع الأول يوم الثلاثاء لعشر خلون منه" فهذا إنما هو على موته سنة عشر، "وقيل بلغ ستة عشر شهرا".