للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

...........................................


به من قال لم يكن القسم واجبا عليه، وإنما كان يفعله تفضلا، والأكثر وجوبه عليه، وأجابوا باحتمال أنه قبل وجوب القسم عليه، أو كان يرضى صابحة النوبة، كما استأذنهن أن يمرض في بيت عائشة، أو كان يقع ذلك عند استيفاء القسمة، ثم يستأنفها، أو عند إقباله من سفر، أو بغير ذلك مما فيه لين.
قال الحافظ: وأغرب ابن العربي، فقال: خص الله نبيه فأعطاه ساعة في كل يوم لا يكون لإزواجه فيها حق يدخل فيها على جميعهن، فيفعل ما يريد، ثم يستقر عند من لها النوبة، وكانت تلك الساعة بعد العصر، فإن اشتغل عنها كانت بعد المغرب. قال أعني الحافظ: ويحتاج إلى ثبوت ما ذكر مفصلا انتهى.
ففي ختمه بها مزيد حبه لها، لجعلها المنتهى فلا تتأذى بأنه يذهب لغيرها بعدها، وليكون آخر عهده بها، ولا سيما إن كانت الليلة لها، فلا يكون بينها وبين ساعة الدوران فاصل بأحد من النساء، وكفى بذلك حبا وحسبها فضلا قول صلى الله عليه وسلم: "فضل عائشة على النساء، كفضل الثريد على الطعام"، وقوله صلى الله عليه وسلم: "يا عائشة هذا جبريل يقرئك السلام"، فقلت: عليه السلام ورحمة الله وبركاته، وقوله: "لله يا أم سلمة لا تؤذيني في عائشة، فإنه والله ما نزل عليَّ الوحي، وأنا في لحاف امرأة منكن غيرها"، وكلها في الصحيح قال في الفتح: مما يسأل عنه اختصاصها بذلك فقيل لمكان أبيها، وأنه لم يكن يفارقه صلى الله عليه وسلم في أغلب أحواله فسرى سره لابنته مع ما كان لها من مزيد حبه صلى الله عليه وسلم، وقيل كانت تبالغ في تنظيف ثيابها التي تنام فيها معه صلى الله عليه وسلم، واستدل به على فضلها على خديجة، وليس ذلك بلازم لاحتمال أن لا يكون أراد إدخال خديجة في ذلك، والمراد بقوله "منكن" المخاطبة، وهي أم سلمة ومن أرسلها، أو من كان موجودا حينئذ من النساء، وعلى تقدير إرادة الدخول، فلا يلزم من ثبوت خصوصية شيء من الفضائل ثبوت الفضل المطلق، كحديث أقرأكم أبي وأفرضكم زيد، ونحوهما، كما أن قوله "فضل عائشة على النساء" لا يستلزم ثبوت الأفضلية المطلقة، وقد أشار ابن حبان إلى أن فضلها الذي دل عليه هذا الحديث وغيره مقيد بنسائه حتى لا يدخل مثل فاطمة جمعا بينه وبين حديث "أفضل نساء أهل الجنة خديجة وفاطمة" انتهى.
وروى الطبراني والبزار برجال ثقات وابن حبان عنها: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم طيب النفس، فقلت: يا رسول الله ادع لي، قال: "اللهم اغفر لعائشة ما تقدم من ذنبها وما تأخر، وما أسرت، وما أعلنت" فضحكت عائشة حتى سقط رأسها في حجرها من الضحك، فقال صلى الله عليه وسلم: "أسرك دعائي"، فقالت: ما لي لا يسرني دعاؤك، قال: "فوالله إنها لدعوتي لأمتي في كل صلاة".

<<  <  ج: ص:  >  >>