"وقال" عبد الملك "بن هشام" في السيرة في غزوة أحد "بلغني أن وحشيا لم يزل يجد في الخمر" مرة بعد مرة "حتى خلع من الديوان" ديوان الجند المعدين للقتال، مع أن له قوة ومعرفة بالحرب؛ لأنه لما كثر شربه المنافي للمتقين، عوقب بخلعه من الديوان "فكان عمر يقول: لقد علمت أن الله لم يكن ليدع قاتل حمزة" بلا عقوبة، فابتلاه بشرب الخمر وإقامة حدوده عليه، فإن قبل الإسلام يجب ما قبله، كما في الحديث، وقال تعالى: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: ٣٨] ، فكيف يعاقب بما فعله قبله، ويتعجب سعيد من نجاته، ويقول عمر ذلك. أجاب شيخنا بأن الإسلام يكفر الذنوب السابقة عليه، ثم يحسن لصاحبه، فيحفظ به عن الذنوب بعده، وقد يكون فيه شيء ولو بسبب ما سبق في الكفر، فيقع معه في ذنوب تقتضي ترتب عقوبة عليها في الدارين، وهذا لما كان جرمه، ولم ير بعد إسلامه ما يستدعى أنه حصل له ما يوجب عقوبة، فيوهم أنه عفى ما حصل له قبل الإسلام، وحفظ فيما بعده، فتعجب من ذلك انتهى. "ولما رأى النبي صلى الله عليه وسلم حمزة قتيلا بكى، فلما رأى ما مثل به شهق" بفتح المعجمة، وكسر الهاء وفتحها.