وقال صلى الله عليه وسلم: "أتاني جبريل، فقال: إن الله أمرك أن تستشير أبا بكر" رواه تمام. وقال صلى الله عليه وسلم: "إن الله يكره فوق سمائه أن يخطأ أبو بكر" رواه الطبراني، ولنمسك عنان القلم، فضائله لا تحصى، ومناقبه لا تستقصى، وقد أفردها العلماء بالتأليف. قال في الإصابة: وهي في تاريخ ابن عساكر مجلد من ثمانين مجلدا، فهي قدر عشر ثمنه، قال: ولا نزاع في أنه المراد بقوله تعالى: {إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} وهو من أعظم مناقبه، ولا يعترض بأنه لم يتعين؛ لأنه كان معه صلى الله عليه وسلم في الهجرة عامر بن فهيرة وعبد الله بن أبي بكر. والدليل لأنه لم يصحبه في الغار سوى الصديق وأما ابنه وابن فهيرة فكانا يترددان مدة لبثهما في الغار ابنه ليخبرهما بما وقع بعدهما، وابن فهيرة بسبب ما يقوم بهما من لبن الشاة، قال: ومن أعظمها أيضا توارد ابن الدغنة على وصفة بمثل ما وصفت به خديجة النبي صلى الله عليه وسلم لما بعث، فتواردا فيها على نعت واحد من غير أن يتواطأا على ذلك، وهذا غاية في مدحه؛ لأن صفاته صلى الله عليه وسلم منذ نشأ كانت أكمل الصفات، "وكان اسمه في الجاهلية عبد الكعبة، وفي الإسلام عبد الله" فيما قيل، قال في الفتح، والمشهور ما جزم به البخاري أن اسمه عبد الله بن عثمان، ويقال كان اسمه قبل الإسلام عبد الكعبة انتهى. وقد روى ابن عساكر عن عائشة: قال: اسم أبي بكر الذي سماه أهله عبد الله، ولكن غلب عليه اسم عتيق، "وسمي" من الله تعالى "الصديق لتصديقه" أول الناس "النبي صلى الله عليه وسلم" ولازم الصدق، فلم تقع منه هفوة ما، ولا وقفة في حال من الأحوال وقيل كان ابتداء تسميته بذلك صبيحة الإسراء، كما في الفتح. وقال ابن إسحاق عن الحسن البصري وقتادة أول ما اشتهر به صبيحة الإسراء. وروى الحاكم بإسناد جيد قلنا لعلي يا أمير المؤمنين أخبرنا عن أبي بكر، قال: ذاك امرؤ سماه الله تعالى الصديق على لسان جبريل وعلى لسان محمد، كان خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصلاة رضيه لديننا فرضيناه لدنيانا، وقوله امرؤ، أي رجل، وتصحفت الهمزة في عبارة، فظنت هاء، فأحوجت من صحفت عليه إلى تقدير خبر، أي ظاهر معلوم، ثم لا منافاة بين الأحاديث المصرحة، بأن الله سماه الصديق وبين ما ذكره ابن مسدي إن صح أنه كان يلقب به في الجاهلية، لما عرف منه من الصدق؛ لأن الملهم لهم بذلك هو الله، ثم أنزله على لسان رسوله