وفي الروض: ولا ينهى إلّا عن مرغوب عنه، "ولم أجده بالساحر الضال" لنفسه، ولغيره، "ولا الكاهن الكاذب، ووجدت معه آلة النبوة"، كذا في العيون، أي: علامتها, عَبَّرَ عنها بالآلة؛ لأنها سبب في تحقيقها وإظهارها، فأشبهت الآلة. وفي الروض: آية مفرد آي, وهي العلامة بلا تكلف, "بإخراج الخبء" بفتح الخاء المعجمة تليها موحدة فهمزة الغائب المستور، كأنه يشير إلى الإخبار بالمغيبيات، "والإخبار بالنجوى"، أي: يعلم ما يتناجون به حقيقة، وهو من جملة الأخبار بالغيب. قال البيضاوي: والنجوى مصدر، أو جمع نجى، وفي المصباح ناجيته ساررته، والاسم النجوى، "وسأنظر"، وهذا علمه المقوقس من الأخبار الواردة عليه بذلك قبل كتابة المصطفى إليه, فقد ذكر الواقدي بإسناد له عن المغيرة بن شعبة في قصة خروجهم من الطائف إليه قبل إسلام المغيرة، قال: لما دخلنا عليه قال: ما صنعتم فيما دعاكم إليه محمد؟ قالوا: ما تبعه منّا رجل واحد، قال: كيف صنع قومه؟ قالوا: تبعه أحداثهم، وقد لاقاه من خالفه في مواطن كثيرة، قال: فإلى ماذا يدعو؟ قالوا: إلى أن نعبد الله وحده، ونخلع ما كان يعبد آباؤنا، ويدعو إلى الصلاة، والزكاة، وصلة الرحم، ووفاء العهد، وتحريم الزنا والربا والخمر، فقال المقوقس: هذا نبي مرسَل إلى الناس كافّة، ولو أصاب القبط والروم لاتبعوه، وقد أمرهم بذلك عيسى، وهذا الذي تصفون منه نعت الأنبياء من قبله، وستكون له العاقبة حتى لا ينازعه أحد، ويظهر دينه إلى منتهى الخف والحافر، فقالوا: لو دخل الناس كلهم معه ما دخلنا معه، فهزَّ المقوقس رأسه، وقال: أنتم في اللعب، ثم سألهم عن نحو ما وقع في قصة هرقل من سؤاله لأبي سفيان، وفي آخره: فما فعلت يهود يثرب، قلنا: خالفوه، فأوقع بهم، قال: هم قوم حسد، أما أنهم يعرفون من أمره مثل ما