للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأخذ كتاب النبي -صلى الله عليه وسلم- فجعله في حق من عاج ودفعه لجارية له، ثم دعا كاتبًا له يكتب بالعربية، فكتب إلى النبي -صلى الله عليه وسلم.

بسم الله الرحمن الرحيم، لمحمد بن عبد الله من المقوقس عظيم القبط، سلام عليك، أما بعد: فقد قرأت كتابك وفهمت ما ذكرت فيه وما تدعو إليه، وقد علمت أن نبيًّا قد بقي، وكنت أظن أن يخرج بالشام، وقد أكرمت رسولك وبعثته إليك بجاريتين لهما مكان من القبط عظيم، وكسوة وأهديت إليك بغلة لتركبها والسلام.


نعرف، "وأخذ كتاب النبي -صلى الله عليه وسلم" وضمَّه إلى صدره، وقال: هذا زمان النبي الذي نجد نعته في كتاب الله، رواه ابن عبد الحكم، "فجعله في حق من عاج"، ثم ختم عليه -كما في الرواية، "ودفعه لجارية له" لتحفظه، قال البرهان: لا أعرف اسمها، "ثم دعا كاتبًا له يكتب بالعربية"، قال البرهان: لا أعرف اسمه، "فكتب إلى النبي -صلى الله عليه وسلم" كتابًا صورته: "بسم الله الرحمن الرحيم, لمحمد بن عبد الله من المقوقس عظيم القبط, سلام عليك" كما في الرواية، فتأدَّب فقدَّم اسم المصطفى، ولم يصف نفسه بالملك، بل كتب مثل ما كتب له، "أما بعد, فقد قرأت كتابك، وفهمت ما ذكرت فيه، وما تدعو إليه، وقد علمت أن نبيًّا قد بقي" خاتم النبيين "وكنت أظن أن يخرج من الشام"؛ لأنه مخرج الأنبياء من قبله، "وقد أكرمت رسولك" بالضيافة، وقلة المكث عندي، وسرعة إذني في دخوله علي.
قال حاطب: وقد كان مكرمًا لي في الضيافة، وقلة اللبث ببابه, ما أقمت عنده إلّا خمسة أيام، وإن وفود العجم ببابه منذ شهرين وأكثر، وأمر لي بمائة دينار وخمسة أثواب، ذكره الواقدي وغيره، "وبعثته إليك بجاريتين" مارية وأختها سيرين، ولم يذكر الثالثة، وهي أختهما، فيصير بالصاد عند مغلطاي، والسين عند اليعمري وغيره، بل اقتصر عليهما لحسنهما وجمالهما، كما قال "لهما مكان من القبط عظيم, وكسوة" هي عشرون ثوبًا لينًا من قباطي مصر، كما أسلفه المصنّف في ترجمة مارية.
وروى ابن عبد الحكم مرسلًا؛ أنها بقيت حتى كفِّن -صلى الله عليه وسلم- في بعضها، والصحيح ما في الصحيح عن عائشة: أنه كُفِّنَ في ثياب يمانية، "وأهديت إليك بغلة"، ذكرها في الكتاب؛ لأنها كانت من مراكبه، وهي دلدل، ولذا قال: "لتركبها", ولم يذكر فيه الحمار، وهو يعفور، ولا الألف مثقال ذهبًا، ولا العسل الذي من بنها -بكسر الموحدة وفتحها، كما تقدَّم في مارية، لحقارة ذلك عند الملوك، فلا يذكر في الكتب، وللطبراني عن عائشة أنه أهدى له مكحلة عيدانٍ شامية ومرآة ومشطًا "والسلام".

<<  <  ج: ص:  >  >>