قال حاطب: فذكرت قوله لرسول الله -صلى الله عليه وسلم، فقال: ضنَّ الخبيث بملكه، ولا بقاء لملكه اهـ. فكان كما قال، "ولم يزد" المقوقس "على هذا، ولم يُسْلِم"، بل استمرَّ على نصرانيته حتى فتح المسلمون منه مصر في خلافة عمر، وغلط ابن الأثير وغيره من الحفَّاظ ابن منده وأبا نعيم وابن قانع في ذكرهم له في الصحابة تشبثًا بما أخرجوه من طريق ابن إسحاق عن الزهري عن عبيد الله، قال: حدثني المقوقس، قال: أهديت إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- قدح قوارير، فكان يشرب فيه، ولا أدري ما وجه إثباتهم الصحبة له من هذا الخبر، فإنه بفرض أن التصلية منه لا يلزم إسلامه؛ لأن النصارى تعترف بنبوته فيصلون عليه، ويزعمون أنها إلى العرب، ولم يقل أحد أنه سافر واجتمع بالنبي -صلى الله عليه وسلم, حتى يكون صحابيًّا، فما هذا إلّا غلط على غلط، "وكتب -صلى الله عليه وسلم- إلى المنذر بن ساوى" بن الأخنس بن بيان بن عمرو بن عبد الله بن زيد بن عبد الله بن دارم التميمي الدارمي العبدي؛ لأنه من ولد عبد الله بن دارم المذكور لا من عبد القيس، كما ظنَّه بعض الناس، أفاد ذلك الرشاطي. روى إسحاق بن راهويه، ومن طريق الطبراني وابن قانع من سليمان بن نافع العبدي عن أبيه، قال: وفد المنذر بن ساوى من البحرين ومعه أناس، وأنا غليم أمسك جمالهم، فذهبوا بسلاحهم، فسلَّموا على النبي -صلى الله عليه وسلم، ووضع المنذر سلاحه، ولبس ثيابًا كانت معه، ومسح لحيته بدهن، فأتى نبي الله، وأنا مع الجمال أنظر إلى نبي الله.