للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محمد رسول الله إلى المنذر بن ساوى، سلام عليك, فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، وأشهد أن لا إله إلا الله, وأن محمدًا رسول الله. أما بعد، فإني أذكِّرك الله -عز وجل، فإنه من ينصح فإنما ينصح لنفسه، وأنه من يطع رسلي ويتبع أمرهم فقد أطاعني، ومن نصح لهم فقد نصح لي، وإن رسلي قد أثنوا عليك خيرًا،


محمد رسول الله إلى المنذر بن ساوى, سلام عليك" خاطبه بالسلام؛ لأن هذا الكتاب كما ترى بعد إسلامه، "فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله"، لعله قصد بكتب الشهادتين تعليمهم إياهما، "أما بعد".
قال في فتح الباري: اختلف في أول من قالها، فقيل: داود -عليه السلام، وقيل: يعرب بن قطحان، وقيل: كعب بن لؤي، وقيل: قس بن ساعدة، وقيل: سحبان.
وفي غرائب مالك للدارقطني: أن يعقوب -عليه السلام قالها، فإن ثبت وقلنا: إن قحطان من ذرية إسماعيل، فيعقوب أوّل من قالها مطلقًا، وإن قلنا: إن قحطان قبل إبراهيم، فيعرب أوّل من قالها، وفي الفتح أيضًا في كتاب الجمعة، قيل: أول من قالها داود. رواه الطبراني مرفوعًا عن أبي موسى، وفي إسناده ضعف، وروى عبد بن حميد، والطبري عن الشعبي مقوفًا: إنها فصل الخطاب الذي أعطيه.
وروى الدارقطني بسندٍ رواه في غرائب مالك: أوّل من قالها يعقوب.
وروى الفاكهي كعب بن لؤي بسند ضعيف، وقيل: يعرب بن قطحان، وقيل: سحبان وائل، وقيل: قسّ بن ساعدة، والأول أشبه، ويجمع بينه وبين غيره بأنه بالنسبة إلى الأولية المحضة، والبقية بالنسبة إلى العرب خاصّة، ثم يجمع بينها بالنسبة إلى القبائل, انتهى. "فإني أذكِّرك الله"، أي: أوامره ونواهيه, إشارة إلى أنه لا ينبغي عبادة غيره "عز وجل"، ولا الخروج عن أحكامه لأحد؛ لأنها معلومة على لسان الرسل، فكأنها من المعلوم الحاصل للجاهل بها مجرد غفلة، "فإنه من ينصح، فإنما ينصح لنفسه" لعود ثواب نصحه عليها، "وإنه من يطع رسلي ويتبع أمرهم" عطف تفسير "فقد أطاعني"، {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} ، "ومن نصح لهم فقد نصح لي" والدين النصيحة، "وإن رسلي" لا يعارض هذا قوله أولًا إنه بعث له العلاء بن الحضرمي لاحتمال أنه اجتمع معه عند المنذر أحد من المسلمين، فسماهم كلهم رسلًا، أو أطلق الجمع على ما فوق الواحد، فقد ذكر الشامي أنه بعث أبا هريرة مع العلاء، وأوصاه به خيرًا، "قد أثنوا عليك خيرًا" من قبولك الحق، وانقيادك إلى الإيمان.
ذكر السهيلي في الروض: إن العلاء لما قدم عليه قال له: يا منذر, إنك عظيم العقل في الدنيا، فلا تصغرنَّ عن الآخرة، إن هذه المجوسية شَرُّ دينٍ، ليس فيها تكرم العرب، ولا علم أهل

<<  <  ج: ص:  >  >>