للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محمدًا عبده ورسوله.

قال: يا عمرو, إنك كنت ابن سيد قومك، فكيف صنع أبوك؟ فإن لنا فيه قدوة.

قلت: مات ولم يؤمن بمحمد -صلى الله عليه وسلم، ووددت أنه كان أسلم وصدّق به، وقد كنت على مثل رأيه حتى هداني الله للإسلام.

قال: فمتى تبعته؟ قلت: قريبًا، فسألني: أين كان إسلامك؟

قلت: عند النجاشي, وأخبرته أنَّ النجاشيّ قد أسلم.

قال: فكيف صنع قومه بملكه؟ قلت: أقرّوه واتَّبعوه.

قال: والأساقفة والرهبان تبعوه؟ قلت: نعم.

قال: انظر يا عمرو ما تقول، إنه ليس من خصلة في رجل أفضح له من كذب.

قلت: ما كذبت وما


محمد عبده ورسوله".
"قال: يا عمرو, إنك كنت" أي: وجدت "ابن سيد قومك"، والذي في العيون وغيرها: إنك ابن بدون كنت، "فكيف صنع أبوك" العاص بن وائل السهمي، أحد الكفار المستهزئين، "فإن لنا فيه قدوة، قلت: مات ولم يؤمن بمحمد -صلى الله عليه وسلم، ووددت" بكسر الدال الأولى "أنه كان أسلم، وصدَّق به، وقد كنت" أنا "على مثل رأيه حتى هداني الله للإسلام، قال: فمتى تبعته؟ قلت: قريبًا، فسألني: أين كان إسلامك، قلت: عند النجاشي" على يده، وهو من اللطائف، صحابي أسلم عن يد تابعي، "وأخبرته أن النجاشي قد أسلم".
"قال: كيف صنع قومه بملكه؟ قلت: أقرّوه واتبعوه. قال: والأساقفة" بفتح الهمزة، فسين مهملة، فألف، فقاف مكسورة، ثم فاء، ثم تاء تأنيث, جمع أسقف، وهو السقف -بضم السين، والقاف- لفظ أعجمي، ومعناه: رئيس دين النصارى، وقيل: عربيّ، وهو الطويل في انحناء، وقيل: ذلك للرئيس؛ لأنه يتخاشع، كما في الفتح "والرهبان تبعوه؟ قلت: نعم، قال: انظر يا عمرو ما تقول"، استعظم وقوع ذلك، واتَّهمه في صحة الخبر، واحتمل عنده أنه قصد ترويج ما أرسل به، فقال له ذلك، واستشهد عليه بالعلوم من شدة قبح الكذب ليتجنبه، فقال: "إنه ليس من خصلة" بالفتح خلة "في رجل أفضح"، أي أكثر فضيحة "له من كذب، قلت" أنا صادق في خبري، "وما

<<  <  ج: ص:  >  >>