للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله إلى هوذة بن علي، سلام على من اتبع الهدى، واعلم أن ديني سيظهر إلى منتهى الخف والحافر، فأسلم تسلم، وأجعل لك ما تحت يديك".

فلمَّا قدم عليه سليط بكتاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مختومًا، أنزله وحباه واقترأ عليه الكتاب، فردَّ ردًّا دون رد، وكتب للنبي -صلى الله عليه وسلم: ما أحسن ما تدعو إليه وأجمله، والعرب تهاب مكاني, فاجعل إلي بعض الأمر أتبعك


في قول الواقدي، وأبي معشر، واستشهد باليمامة.
وفي الصحابة سليط بن عمر، والأنصاري، وسليط بن عمرو بن زيد، فلذا قيّد بالعامري واختاره للإرسال؛ لأنه كان يختلف إلى اليمامة قبل ذلك، "بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله، إلى هوزة بن علي، سلام على من اتبع الهدى، واعلم أن ديني سيظهر" وينتهي "إلى منتهى"، فهو متعلق بمحذوف، أو ضُمِّنَ معناه، أي: يظهر منتهيًا إلى "الخف" الإبل، "والحافر" الخيل، والبغال وغيرها، والمراد: إنه يصل إلى أقصى ما يصلان إليه فيؤمنون به.
وفي المصباح: انتهى الأمر بلغ النهاية، وهي أقصى ما يمكن أن يبلغه، "فأسلم تسلم، وأجعل" بالجزم معطوف على جواب الأمر "لك" ولاية "ما تحت يديك"، "فلما قدم عليه سليط بكتاب رسول الله -صلى الله عيه وسلم- مختومًا، أنزله، وحباه" بفتح المهملة، وموحدة خفيفة، أي: أعطاه، كما في النور، ولا يتكرَّر مع قوله بعد أجازه؛ لأنها عند السفر، وهذا الحباء عند القدوم، فلا حاجة إلى أن قراءته بتحتية ثقيلة أظهر، "واقترأ عليه الكتاب"، أي: قرأ، وبه عبَّر اليعمري، وهو لغة، ففي القاموس: قرأه، وبه: كنصره، ومنعه، كاقترأه: تلاه، قال السهيلي: وقال سليط: يا هوذة, إنَّك سوَّدتك أعظم حائلة، أي بالية، وأرواح في النار، وإنما السيد من متع بالإيمان، ثم زود بالتقوى, إن قومًا سعدوا برأيك فلا تشقين به، وإني آمرك بخير مأمور به، وأنهاك عن شر منهي عنه، آمرك بعبادة الله، وأنهاك عن عبادة الشيطان، فإن في عبادة الله الجنة, وفي عبادة الشيطان النار، فإن قبلت نلت ما رجوت، وأمنت ما خفت، وإن أبيت فبيننا وبينك كشف الغطاء، وهو المطلع، فقال هوزة: يا سليط, سودني من لو سودك شرفت به، وقد كان لي رأي أختبر به الأمور، ففقدته، فموضعه من قلبي هواء، فاجعل لي فسحة يرجع إلى رأي، فأجيبك به إن شاء الله، "فردَّ ردًّا" فيه لطف "دون رد" بعنف، كما وقع لغيره من الجبارين، "وكتب للنبي -صلى الله عليه وسلم: ما أحسن ما تدعو إليه وأجمله"، زاد في الرواية: وأنا شاعر قومي، وخطيبهم، "والعرب تهاب مكاني" تجلّه وتعظمه لشدة بأسي، "فاجعل لي بعض الأمر أتبعك"، كأنه أراد شركته في النبوة، أو الخلافة بعده، كما

<<  <  ج: ص:  >  >>