للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأجاز سليطًا بجائزة, وكساه أثوابًا من نسج هجر.

فقدم بذلك على النبي -صلى الله عليه وسلم- فأخبره، وقرأ النبي -صلى الله عليه وسلم- كتابه وقال: "لو سألني سيابة من الأرض ما فعلت. باد، وباد ما في يديه".

فلما انصرف النبي -صلى الله عليه وسلم- من الفتح جاءه جبريل -عليه الصلاة والسلام- بأن هوذة مات، فقال -صلى الله عليه وسلم: "أما إن اليمامة سيظهر بها كذاب يتنبأ، يقتل بعدي" فكان كذلك.


سأله ابن الطفيل فيها، ولم يرض بكونه تحت ولايته التي ذكرها في قوله: "وأجعل لك ما تحت يديك"، "وأجاز سليطًا بجائزة، وكساه أثوابًا من نسج هجر" بفتحتين, بلد باليمن مذكَّر مصروف، وقد يؤنَّث ويمنع، واسم لجميع أرض البحرين، كما في القاموس، وهو المراد هنا، لا التي بقرب المدينة، "فقدم بذلك على النبي -صلى الله عليه وسلم، فأخبره" بخبره، "وقرأ النبي -صلى الله عليه وسلم- كتابه، وقال: "لو سألني سيابة" بفتح المهملة وخفة التحتية فألف فموحدة مفتوحة، فتاء تأنيث- أي: ناحية، أي: قطعة، "من الأرض ما فعلت" هكذا فسَّره ابن حديدة، وأما البرهان ففسره بالبلح، أو البسر تبعًا للقاموس، وهو أبلغ، لكن بتقدير مضاف، أي: فدر بلحة، أو بسرة من الأرض أو المراد نفسه: البلحة، أو البسرة بتقدير ناشئة. "باد" بموحدة، فألف، فمهملة: هلك، "وباد ما في يديه"، أي: هلك، بمعنى ذهب عنه وتفرَّق، وهو خبر أو دعاء، "فلمَّا انصرف النبي -صلى الله عليه وسلم- من الفتح جاءه جبريل -عليه الصلاة والسلام"، فأخبره "بأن هوذة" قد "مات" على كفره؛ لأنه لم يجب إلّا بشرط لم يعطه، ولفظًا: فأخبره، وقد ثبت في الرواية، فكأنهما سقطا من قلم المصنف، أو تعمد حذفهما لفهم المعنى، "فقال -صلى الله عليه وسلم: "أما أن اليمامة سيظهر بها كذَّاب يتنبأ, يقتل بعدي"، فكان كذلك"؛ لأنه لا ينطق عن الهوى، إن هو إلّا وحي يوحى، فظهر بها مسيلمة -لعنه الله- وقتل.
وفي الرواية: فقال قائل: يا رسول الله, من يقتله، فقال: أنت وأصحابك، قال البرهان، لا أعرف هذا القائل بعينه، والظاهر أنه من الذين اشتركوا في قتله، أو خالد بن الوليد.
وذكر الواقدي أن أركون دمشق -عظيم من عظماء النصارى، كان عند هوذة، فسأله عن النبي -صلى الله عليه وسلم، فقال: جاءني كتابه يدعوني إلى الإسلام، فلم أجبه، قال الأركون: لم لا تجيبه؟ قال: ضننت بديني وأنا ملك قومي، ولئن تبعته لن أملك، قال: بلى, والله لئن اتبعته ليملِّكَنَّك، وإن الخير لك في اتباعه، وإنه للنبي العربي الذي بشَّر به عيسى ابن مريم، وأنه لمكتوب عندنا في الإنجيل محمد رسول الله -صلى الله عليه وسلم، وأركون -بفتح الهمزة، والراء، وضم الكاف- الرومي، قال في الإصابة: أدرك الجاهلية، وأسلم على يدي خالد في عهد أبي بكر، ذكره ابن عساكر في

<<  <  ج: ص:  >  >>