فثبت الله ما آتاك من حصن ... كالمرسلين ونصرًا كالذي نصروا قال له -صلى الله عليه وسلم: "وإياك يا سيد الشعراء"، "وحسان بن ثابت بن المنذر بن عمرو بن حرام" بالمهملتين، "الأنصاري" الخزرجي، وأمه الفريعة -بالفاء والعين المهملة, مصغر, بنت خالد, خزرجية أيضًا, أسلمت وبايعت, وإليها كان ينسب، فيقال: قال ابن الفريعة: ونسب هو نفسه إليها في قوله: أمسى الحلائب قد عزوا وقد كثروا ... وابن الفريعة أضحى بيضة البلد "دعا له -عليه الصلاة والسلام- فقال كما في الصحيحين عن سعيد بن المسيب، قال: مر عمر بحسان في المسجد وهو ينشد، فلحظ إليه، فقال: كنت أنشد، وفيه من هو خير منك، ثم التفت إلى أبي هريرة، فقال: أنشدك الله, أسمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "أجب عني"، "اللهم أيده"، أي: قوّه "بروح القدس". قال أبو هريرة: نعم، والمراد: جبريل؛ لحديث الشيخين عن البراء أنه -صلى الله عليه وسلم- قال لحسان: "اهجم، أو هاجهم وجبريل معك" , "فيقال: أعانه جبريل بسبعين بيتًا" كما أخرجه ابن عساكر، وأبو الفرج الأصبهاني في الأغاني عن بريدة، قال: أعان جبريل حسان بن ثابت عن مدحه النبي -صلى الله عليه وسلم- بسبعين بيتًا، "وفي الحديث: "إن جبريل مع حسان ما" مصدرية "نافح عني"، وفي مسلم عن عائشة, سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول لحسان: "إن روح القدس لا يزال يؤيدك ما نافحت عن الله ورسوله"، قالت: وسمعته يقول: "هجاهم حسان فشفى وأشفى" وهو بالحاء المهملة" قبلها فاء، "أي: دافع، والمراد" بذلك "هجاء المشركين ومجاوبتهم" بجيم ثم واو فموحدة "على أشعارهم" التي كانوا يلمزون بها الإسلام وأهله، كقوله يوم بدر مجيبًا لابن الزبعري المسلم في الفتح, لما رثى أصحاب القليب بأبيات، فقال حسان: ابك بكت عيناك ثم تبادرت ... بدم تعل عروقها بسجام وإذا بكيت به الذين تبايعوا ... هلا ذكرت مكارم الأقوام وذكرت منا ماجدًا ذا همة ... سمح الخلائق صادق الأقدام فلمثله ولمثل ما يدعو له ... كان الممدح ثم غير كهام ومجاوباته لهم كثيرة، فكم يقول ابن إسحاق في السيرة، قال فلان من الكفار: كذا، فأجابه