روى مسلم في حديث أبي حميد: وجاء رسول ابن العلماء صاحب أيلة إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بكتاب، وأهدى له بغلة بيضاء، وعند ابن إسحاق: ولما انتهى -صلى الله عليه وسلم- إلى تبوك أتاه يحنَّة بن رؤبة صاحب أيلة، فصالحه وأعطاه الجزية، وكذا رواه إبراهيم الحربي في الهدايا من حديث عليّ، قال في فتح الباري: فاستفيد من هذا اسمه، واسم أبيه، ولعلَّ العلماء اسم أمه، ويحنّة -بضم التحتانية وفتح المهملة وتشديد النون، ورؤبة -بضم الراء وسكون الواو بعدها موحدة. انتهى، فقول الحافط البرهان: لا أعرف اسم ابن العلماء، ولا أعرف له إسلامًا، تقصير شديد، وقد مَرَّ شيء من ذلك في تبوك وفي المكاتبات، وذكر بعضهم أنه -صلى الله عليه وسلم- أهدى إليه بردًا، وأنَّ حكمة ذلك أنه لما أهدى إليه ما يعلو المصطفى عليه، وهو البغلة، وكانت طويلة مخندفة، حسنة السير فأعجبته, أهدى له ما يعلو عليه، أي: على يُحَنَّة، وهو البرد ليكون العلوّ له -صلى الله عليه سلم- في الطرفين, "وأخرى من دومة الجندل" أهداها له صاحبها, وهو أكيدر بن عبد الملك النصراني, اختلف في إسلامه، والأكثر وهو الأصح أنه لم يسلم، وأن خالد بن الوليد قتله على نصرانيته في خلافة أبي بكر، كما مَرَّ مفصَّلًا في تبوك وفي المكاتبات، "وأخرى من عند النجاشي". روى أبو الشيخ في كتاب أخلاق النبي -صلى الله عليه وسلم، عن ابن عباس, أهدى النجاشي إلى رسول الله بغلة فكان يركبها، "قيل: وأهدى له كسرى بغلة أخرى" أخرجه الثعالبي في تفسيره، والحاكم في مستدركه عن ابن عباس، أنَّ كسرى أهدى للنبي -صلى الله عليه وسلم- بغلة، فركبها بحبل من شعر، ثم أردفني خلفه، "وفي ذلك نظر" كما قال الحافظ الدمياطي، قال: "لأنَّ كسرى مزق كتابه -صلى الله عليه وسلم،" فبعيد أن يهدي له، وأجيب باحتمال أن الذي أهداها له شيرويه ولده، أو ابن عمّه كسرى بن قباذ، أو أردشير بن شيرويه، أو جرهان، فإن هؤلاء كلهم ملكوا بعد قتل أبرويز، ثم ملك بعدهم بوران بنت كسرى، كما ذكره ابن قتيبة، قلت: على أنه لا يلزم من تمزيق الكتاب أن لا يهدي إليه، فإنه مزقه لما ورد عليه لسورة الملك, والشقاوة التي كتبت عليه، فيحتمل أنه لما خلا بنفسه خاف لاستيقانه نبوته, فأهدى له البغلة، والعلم عند الله, فهذه ست، وزاد بعضهم سابعة تسمَّى: حمارة شامية، رواه ابن السكن عن بسر -بضم الموحدة وسكون المهملة, والد عبد الله