للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والآخر مسيلمة الكذاب".


سكر، وكان على بابه ألف حارس، فنقب فيروز ومن معه الجدار، حتى دخلوا فقتله فيروز واحتزَّ رأسه، وأخرجوا المرأة وما أحبوا من متاع البيت، وأرسلوا الخبر إلى المدينة، فوافاهم عند وفاته -صلى الله عليه وسلم.
قال أبو الأسود عن عروة: أصيب الأسود قبل وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم- بيوم وليلة، فأتاه الوحي، فأخبر أصحابه، ثم جاء الخبر إلى أبي بكر، وقيل: وصل الخبر بذلك صبيحة دفن النبي -صلى الله عليه وسلم، "والآخر مسيلمة الكذاب" ادَّعى النبوّة في حياته -صلى الله عليه وسلم، لكن لم تظهر شوكته، ولم تقع محاربته إلّا في زمن الصديق، وكان بدء أمره أنَّ الرحال الحنفي، واسمه: نهار, آمَنَ وتعلَّم سورًا من القرآن، فرآه -صلى الله عليه وسلم- مع فرات بن حيان وأبي هريرة، فقال: "ضرس أحدكم في النار مثل أحد"، فما زالا خائفين حتى ارتدَّ الرحال، وآمن بمسيلمة، وشهد زورًا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد شركه معه في النبوَّة، ونسب إليه بعض ما تعلم من القرآن، فكان أقوى أسباب الفتنة على بني حنيفة، فجمع جموعًا كثيرة ليقاتل الصحابة، فجهَّز له الصديق جيشًا أمَّرَ عليهم خالد بن الوليد، فقتل جميع أصحابه، ثم كان الفتح بقتل مسيلمة، قله عبد الله بن زيد بن عاصم الأنصاري المازني، جزم به الواقدي وإسحاق بن راهويه والحاكم، وقيل: عدي بن سهل، وبه جزم سيف، وقيل: أبو دجانة، وقيل: زيد بن الخطاب، وقيل: وحشي، والأول أشهر، ولعلَّ عبد الله بن زيد هو الذي اصابته ضربته، وحمل عليه الآخرون في الجملة، وأغرب وتيمة، فزعم أن اسم الذي ضربه شن -بفتح المعجمة وشد النون- ابن عبد الله، وأنشد له:
ألم تر أني ووحشيهم ... ضربنا مسيلمة المفتتن
تسائلني الناس قتله ... فقلت ضربت وهذا طعن
فلست بصاحبه دونه ... وليس بصاحبه دون شن
وأغرب منه ما حكاه ابن عبد البر: إن الذي قتل مسيلمة هو جلاس بن بشير بن عاصم، ذكره الحافظ في شرح قول وحشي عند البخاري، لما خرج مسيلمة قلت: لأخرجنَّ إليه لعلي أقتله فأكافئ به حمزة، فخرجت مع الناس، فإذا رجل قائم، كأنه جمل أورق، ثائر الرأس، فرميته بحربتي، فوضعتها بين ثدييه حتى خرجت من بين كتفيه، وضربه رجل من الأنصار بالسيف على هامته، وقال رجل من بني حنيفة يرثيه:
لهفي عليك أبا ثمامة ... لهفي على ركني يمامه
كم آية لك فيهم ... كالشمس تطلع من غمامه
قال السهيلي: وكذب، بل كانت آيته منكوسة، فذكر بعض ما قدمه المصنف، وزاد: ودعا

<<  <  ج: ص:  >  >>