للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قلت: كيف يلتئم خبر ابن إسحاق مع الحديث الصحيح أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- اجتمع به وخاطبه، وصرَّح بحضرة قومه أنه لو سأله القطعة من الجريد ما أعطاه.

فالجواب: إن المصير إلى ما في الصحيح أَوْلَى.

ويحتمل أن يكون مسيلمة قدم مرتين، الأولى تابعًا وكان رأس بني حنيفة غيره، ولهذا أقام في حفظ رحالهم، ومرة متبوعًا، وفيها خاطبه النبي -صلى الله عليه وسلم.

أو القصة واحدة، وكانت إقامته في رحالهم باختياره أنفة منه واستكبارًا أن يحضر مجلس النبي -صلى الله عليه وسلم، وعامله -عليه الصلاة والسلام- معاملة الكرم على عادته في الاستئلاف, فقال لقومه: "إنه ليس بشركم" أي: مكانًا، لكونه كان يحفظ رحالهم، وأراد


الرجل في ابنين له بالبركة، فرجع إلى منزله، فوجد أحدهما قد سقط في بئر، والآخر أكمله الذئب، ومسح رأس صبي، فقرع قرعًا فاحشًا.
قال صاحب المفهم: مناسبة هذا التأويل لهذه الرؤيا أن أهل صنعاء واليمامة كانوا أسلموا، وكانوا كساعدين للإسلام، فلمَّا ظهر الكذابان، ويهرجا على أهلهما بزخرف أقوالهما ودعواهما الباطلة، انخدع أكثرهم بذلك، فكان اليدان بمنزلة البلدين، والسواران بمنزلة الكذابين، وكونهما من ذهب إشارة إلى ما زخرفاه، والزخرف من أسماء الذهب، "فإن قلت كيف يلتئم خبر ابن إسحاق" الذي قدمه من كونه لم يجتمع بالمصطفى، وقعد في الرحال "مع" هذا "الحديث الصحيح، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- اجتمع به وخاطبه، وصرَّح بحضرة قومه أنه لو سأله القطعة من الجريد" بفتح الجيم "ما أعطاه، فالجواب أن المصير إلى ما في الصحيح أولى" لصحة إسناده، بخلاف خبر ابن إسحاق، فضعيف منقطع، ولم يسم راويه، ويحتمل" في طريق المع على تقدير الصحّة، كما قال الحافظ "أن يكون مسيلمة قدم مرتين: الأولى كان تابعًا، وكان رأس بني حنيفة غيره، ولهذا أقام في حفظ رحالهم، ومرة متبوعًا، وفيها خاطبه النبي -صلى الله عليه وسلم" وهذا بعيد جدًّا، فقد قال هو -أعني الحافظ: وهذا يعني حديث ابن إسحاق مع شذوذه ضعيف السند لإنقطاعه، وأمر مسيلمة كان عند قومه أكبر من ذلك، فقد كان يقال له رحمَّن اليمامة، لعظم قدره فيهم أ. هـ، فمن يكون مقامه عند قومه أكبر من دعوى النبوَّة، يبعد كل البعد أن يكون تابعًا، فالأولى قوله, "أو القصة واحدة" لأنه الأصل، "وكانت إقامته في رحالهم باختياره أنفة منه واستكبارًا أن يحضر مجلس النبي -صلى الله عليه وسلم, وعامله -عليه الصلاة والسلام- معاملة الكرم على عادته في الاستئلاف، فقال لقومه: "إنه ليس بشركم"، أي: مكانًا لكونه كان يحفظ رحالهم، وأراد

<<  <  ج: ص:  >  >>