قال الحافظ: وكأنه استشهد في ذلك بالله تأكيدًا لصدقه، وفي رواية أبي عوانة، فقال: صدقت، قال: فمن خلق السماء؟ قال: "الله"، قال: فمن خلق الأرض والجبال؟ قال: "الله"، قال: فمن جعل فيها المنافع؟ قال: "الله"، قال: فبالذي خلق السماء والأرض، ونصب الجبال، وجعل فيها المنافع, الله أرسلك؟ قال: "نعم"؛ وكذا هو في رواية مسلم، "فقال: أنشدك" بفتح الهمزة وضم المعجمة: أسألك "بالله" وأصله من النشد، وهو رفع الصوت, والمعنى: سألتك رافعًا نشيدتي، قاله البغوي في شرح السنة. وقال الجوهري: نشدتك بالله، أي: سألتك، كأنك ذكرته فنشد، أي: تذكر "آلله أمرك أن تصلي" بتاء الخطاب فيه وفيما بعده، وللأصيلي بالنون فيهما. قال عياض: وهو أوجه, ويؤيده رواية مسلم بلفظ: إن علينا خمس صلوات في يومنا وليلتنا، وساق البقية كذلك، ووجه الأوّل أنَّ كل ما وجب عليه وجب على أمته، حتى يقوم دليل على الاختصاص "الصلوات الخمس", وللكشميهني والسرخسي: الصلاة بالإفراد على إرادة الجنس "في اليوم والليلة، قال: "اللهمَّ نعم"، قال: أنشدك بالله، آلله أمرك أن تصوم" بتاء الخطاب وبالنون "هذا الشهر في السنة؟ " أي: رمضان في كل سنة، فاللام فيهما للعهد, والإشارة لنوعه لا لعينه، "قال: "اللهمَّ نعم"، قال: أنشدك بالله، آلله أمرك أن تأخذ" بتاء الخطاب، أي: بأن تأخذ "هذه الصدقة" المعهودة، وهي الزكاة "من أغنيائنا، فتقسمها" بتاء الخطاب المفتوحة، والنصب عطفًا على تأخذ "على فقرائنا؟ " خرج مخرج الأغلب؛ لأنهم معظم أهلها، "فقال النبي -صلى الله عليه وسلم: "اللهمَّ نعم". قال ابن التين: فيه دليل على أن المرء لا يفرق صدقته بنفسه، وفيه نظر، ولم يذكر الحج في هذه الرواية، وقد أخرج مسلم وأبو عوانة في روايتهما عن أنس بلفظ: وإن علينا حج البيت من استطاع إليه سبيلًا، قال: "صدق"، وهو في حديث أبي هريرة، وابن عباس أيضًا عند مسلم،