قال تعالى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ} [النساء: ٣] ، أي: الطيب، فاستعملت ما لصفة ما يعقل، أي: للوصف المشتَق الدالِّ على الحدث وصاحبه، وليس المراد بالوصف مبدأ الاشتقاق، الذي هو المعنى المصدري، ضرورة أن المعنى المصدري لا ينكح، "فتبسَّم -عليه الصلاة والسلام" فرحًا بإيمانهم "وقال: "إن لكل قول حقيقة"، " أي: علامة أو ماهية، التي هي سبب في تحققه، "فما حقيقة قولكم وإيمانكم" عطف تفسير، أو مسبب على سبب، والقول بمعنى المقول، "قلنا: خمس عشرة خصلة، خمس منها أمرتنا" بفتحات، وإسكان تاء التأنيث، ونا مفعول والفاعل, "رسلك" ففيه إفادة أنه أرسل إليهم رسلًا، وإن لم يذكرهم المصنف، ويحتمل أن مرادهم رسله الذين بعثهم إلى اليمن؛ إذ هم منه "أن نؤمن بها" أي: نصدق "وخمس أمرتنا" بفتح الهمزة، والميم، والراء وإسكان التاء- رسلك "أن نعمل بها، وخمس تخلقنا بها في الجاهلية" أي: ما قبل إيمانهم، "فنحن عليها إلّا أن تكره منها شيئًا" فنتركه، وهذا من قوة إيمانهم، ومزيد فقههم، "فقال -صلى الله عليه وسلم: "ما الخمس التي أمرتكم بها رسلي"؟ قلنا: أمرتنا أن نؤمن بالله" نصدق به وبصفاته الواجبة له, "وملائكته" جمع مَلَك، أي: نصدِّق بوجودهم، وأنهم كما وصفهم الله تعالى: عباد مكرمون، "وكتبه" نصدّق بأنها كلام الله، وأن ما اشتملت عليه حق، "ورسله" أي: نصدق بصدقهم فيما أخبروا به عن الله تعالى، وتأخيرهم في الذكر لتأخر إيجادهم، لا لأفضلية الملائكة، "والبعث بعد الموت" من القبور وما بعده من الصراط والميزان والجنة والنار، "قال: "وما الخمس التي أمرتكم" رسلي "أن تعلموا بها"؟ قلنا: أمرتنا أن نقول: لا إله إلا الله" أي: ومحمد رسول الله؛ لأنها صارت علمًا على الشهادتين، أو أنَّ رسله اقتصروا عليها تدريجًا لهم، واكتفاءً بقولهم أوَّلًا: ورسله، فحكوا له لفظ رسله، "ونقيم الصلاة" المكتوبة،