للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونؤتي الزكاة ونصوم رمضان ونحج البيت إن استطعنا إليه سبيلًا.

قال: "وما الخمس التي تخلقتم بها في الجاهلية"؟.

قلنا: الشكر عند الرخاء، والصبر عند البلاء، والرضاء بمر القضاء، والصدق في مواطن اللقاء، وترك الشماتة بالأعداء.

فقال -صلى الله عليه وسلم: "حكماء علماء، كادوا من فقههم أن يكونوا أنبياء"، ثم قال: "وأنا أزيدكم خمسًا, فتتم لكم عشرون خصلة، إن كنتم كما تقولون، فلا تجمعوا ما لا تأكلون،


أي: نديمها، أو نأتي بها على ما ينبغي، "ونؤتي الزكاة" المفروضة، "ونصوم رمضان، ونحج البيت إن استطعنا إليه سبيلًا" طريقًا، "قال: "وما الخمس التي تخلَّقتم بها في الجاهلية"، قلنا: الشكر عند الرخاء" أي: الثناء على الله تعالى عند حصول النعم، وصرفها فيما يحمد، كصدقة وإغاثة ملهوف، وغير ذلك، "والصبر عند البلاء" أي: عدم الجزع والتضجر، وهذا قد يحصل وإن لم يكن رضا، ولذا قال: "والرضا" وهو الانقياد والطمأنينة باطنًا، "بِمُرِّ القضاء" أي: بالمر من المقضي، فالإضافة بمعنى من أو بالمر لمقضى من إضافة الصفة للموصوف، بحيث نراه في الباطن، كالنعم التي يستلذ بها، فجمع بينهما للتنبيه على طلبهما معًا، أي: الصبر والرضا "والصدق" أي: الثبات "في مواطن" جمع موطن كمسجد، مشاهد "اللقاء" للأعداء؛ بحيث لا نفر منهم، بل نصبر على حربهم، وإطلاق الصدق على الثبات مجاز شائ، "وترك الشماتة" أي: الفرح "بالأعداء"؛ إذا نزلت بهم مصيبة، "فقال -صلى الله عليه وسلم: "حكماء علماء" خبر مبتدأ محذوف، أي: هم، والمعنى: إنهم يفعلون أمورهم متقنة موافقة للحق، والخطاب للحاضرين غيرهم ثناء عليهم، وقدَّم الحكمة على العلم؛ لأنها الصفة القائمة بهم، الدالة على كمال عقولهم، والعلم طريق إلى معرفة الحسن من القبيح، ولكن صاحبه قد لا يعمل به، ودليل تقديرهم دون أنتم قوله: "كادوا" قاربوا "من فقههم أن يكونوا أنبياء"؛ لأن هذه الخمس التي تخلقوا بها من قِبَلِ أنفسهم في الجاهلية، بعض صفات الأنبياء، وعلى تقدير المبتدأ: أنتم, والخطاب لهم يكون كادوا التفاتًا، إلّا أن الأَوَّل أبلغ، لما فيه من الاعتناء بالإخبار عن صفاتهم الحميدة، "ثم قال: "وأنا أزيدكم خمسًا، فتتم لكم عشرون خصلة، إن كنتم كما تقولون"،" متصفين بالخمس عشرة التي ذكرتم، "فلا تجمعوا ما لا تأكلون" جواب الشرط، أي: زيادة على الحاجة، فيكون نفعه لمن بعدكم، "فلا تجمعوا ما لا تأكلون" جواب الشرط، أي: زيادة على الحاجة، فيكون نفعه لمن بعدكم، وحسابه عليكم، والإتيان بالشرط بعد قوله حكماء علماء، حثٌّ لهم على ملازمة الفعل، كأنه قيل: وصفتم أنفسكم بما يفيد حرصكم على الإيمان

<<  <  ج: ص:  >  >>