للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكره ابن المنير في أسرار الإسراء.

فمن ذا الذي يصل قدره أن يقدر قدر الرسول، أو يبلغ من الاطلاع على مأثور أحواله المأمول والمسئول؟!.

وقد حكى القرطبي -في كتاب الصلاة- عن بعضهم أنه قال: لم يظهر لنا تمام حسنه -صلى الله عليه وسلم؛ لأنه لو ظهر لنا تمام حسنه لما أطاقت أعيننا رؤيته -صلى الله عليه وسلم, ولقد أحسن


زائدة عليهم، أولًَا: ضرر في المشاركة؛ لأنه من حيث الإجمال "ذكره ابن المنير" ناصر الدين أحمد بن محمد الجذامي، الإسكندراني، العلامة المتبحِّر في العلوم، صاحب التصانيف العديدة.
قال العز بن عبد السلام: ديار مصر تفتخر برجلين في طرفيها: ابن دقيق العيد بقوص، وابن المنير بالإسكندرية.
"في أسرار الإسراء" سمَّاه المقتفى, كتاب نفس فيه فوائد جليلة، واستنباطات حسنة، وجعله قسمين، الأول: في الإسراء، والثاني: في السيرة النبوية من المبعث إلى الوفاة، "فمن ذا الذي يصل قدره"، استفهام إنكاري للتوبيخ لمن توهَّم وصول قدرته إلى ما أعطي المصطفى، ومعناه النفي، أي: لا يقدر أحد "أن يقدر" بكسر الدال وضمها.
وقرأ السبعة: {يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ} بالكسر، فهو أفصح، قيل: وهو الرواية في حديث: "فاقدروا له" قدر الرسول، أو يبلغ" عطف على يقدر، أي: ولا يبلغ "من الاطِّلاع على مأثور أحواله، المأمول والمسئول"، ومن لا يصل لذلك كيف يمكنه التعبير عنه، وهذا ترق في النفي؛ فإنه لما نفى القدرة على الذكر أولًا، ولا يلزم منه عدم الاطِّلاع؛ لإمكانه مع العجز عن العبارة ترقى، فنفى الاطِّلاع أيضًا، فكأنه من نفي السبب بعد نفي ما يترتب عليه من المسبب.
"وقد حكى" محمد بن أحمد بن أبي بن فرح -بإسكان الراء، وبالحاء المهملتين- أبو عبد الله، الأنصاري، الأندلسي، "القرطبي" بضم القاف، والطاء، وموحدة- نسبة إلى قرطبة, مدينة بالأندلس، المفسِّر, كان من عباد الله الصالحين، والعلماء العارفين الورعين الزاهدين، المشغولين بأمور الآخرة، أوقاته ما بين توجه وعبادة وتصنيف، وله تصانيف كثيرة.
أخذ عن أبي العباس أحمد بن عمر القرطبي، شارح مسلم، المتوفَّى بالإسكندرية سنة ست وعشرين وستمائة، وأخذ عن غيره، واستقرَّ بمنية ابن خصيب، وبها مات سنة إحدى وسبعين وستمائة.
"في كتاب الصلاة عن بعضهم؛ أنه قال: لم يظهر لنا تمام حسنه -صلى الله عليه وسلم"، رفقًا من الله بنا، "لأنه لو ظهر لنا تمام حسنه، لما أطاقت أعيننا رؤيته -صلى الله عليه وسلم"، لعجزنا عن ذلك، "ولقد أحسن

<<  <  ج: ص:  >  >>