للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حيث قال:

يتيه الشمس والقمر المنير ... إذا قلنا كأنهما الأمير

لأن الشمس تغرب حين تمسي ... وأن البدر ينقصه المسير

وهذه التشبيات الواردة في حقه -عليه الصلاة والسلام- إنما هي على سبيل التقريب والتمثيل، وإلا فذاته أعلى ومجده أغلى.

فأما رأسه الشريف المقدَّس فحسبك ما ذكره الترمذي في جامعه بسنده إلى هند بن أبي هالة قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عظيم الهامة.


ذكره ابن خلكان "حيث قال: يتيه"، يتكبّر ويدعي ما ليس له، كما في القاموس: "الشمس والقمر المنير"، تعاظمًا وافتخارًا، "إذا قلنا" في حقهما؛ "كأنهما الأمير"؛ لأن رتبتهما دون رتبته؛ "لأن الشمس تغرب حين تمسي"، وذلك نقص، "وأنَّ البدر ينقصه المسير" بخلاف الأمير، فصفاته لا تتغير، فمن قال في مدح الكامل: كأنه الشمس والقمر عكس التشبيه، فإن حقه أن يشبه الأدنى بالأعلى؛ إذ حقيقة التشبيه إلحاق ناقص بكامل، "وهذه التشبيهات الواردة في حقه -عليه الصلاة والسلام، إنما هي على سبيل التقريب والتمثيل"، وقد قال عليّ -كرم الله وجهه: يقول ناعته: لم أر قبله ولا بعده ثله، أي: يقول ذلك عند العجز عن وصفه، "وإلّا، فذاته أعلى" بمهملة: أشد علوًّا، أي: رفعة في الأوصاف القائمة بها، مما ظهر وشوهد، "ومجده" عزّه وشرفه "أغلى" بمعجمة- أزيد مما شوهد من غلا السعر إذا زار وارتفع، وقد قال نفطوية في قوله تعالى: {يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ} [النور: ٣٥] ، هذا مثل ضربه الله تعالى لنبيه -صلى الله عليه وسلم- يقول: يكاد نظره يدل على نبوته، وإن لم يتل قرآنًا، كما قال ابن رواحة:
لو لم يكن فيه آيات مبينة ... كانت بديهته تنبيك بالخبر
وإذا أردت بيان شيء من صفاته، "فأمَّا رأسه الشريف المقدَّس" المنزه المطهر، باعتبار أن القوى التي اشتمل عليها مقبلة على الحق، مشغولة باكتساب المعاني الدينية، منزَّهة عمَّا لا يليق، "فحسبك" اسم بمعنى: كافيك, خبر وما بعده مبتدأ، أو عكسه، أو اسم فعل بمعنى: يكفيك، فما محله رفع فاعل، أي: يكفيك في بيان صفته "ما ذكره"، أي: رواه "الترمذي في جامعه، بسنده إلى هند بن أبي هالة"، واسمه في أحد الأقوال: النباش -بنون فموحدة ثم معجمة- التميمي، ربيب النبي -صلى الله عليه وسلم، أمه خديجة، قيل: استشهد يوم الجمل مع علي، وقيل: عاش بعد ذلك.
روى عنه الحسن بن علي، وقال: كان وصَّافًا، "قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عظيم الهامة" بالتخفيف: الرأس لكل ذي روح، أو ما بين حرب الرأس، أو وسط الرأس، وعظمه ممدوح؛ لأنه

<<  <  ج: ص:  >  >>