للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان أبيض مليح الوجه. وفي رواية عنه للطبراني: ما أنسى شدة بياض وجهه مع شدة سواد شعره. وفي شعر أبي طالب:

وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ... ثمال اليتامى عصمة للأرامل

وقال علي: أبيض مشرب. والمشرب: هو الذي في بياضه حمرة، كما قال في الرواية الأخرى: أبيض مشرب بحمرة، وبه فسّر قول أنس في صحيح مسلم: أزهر اللون.

وفي النسائي من حديث أبي هريرة: بينا النبي -صلى الله عليه وسلم- جالس بين أصحابه جاء


عن الجريري، عن أبي الطفيل: "كان أبيض مليح الوجه", أي: حسنه, من ملح فهو مليح، ومقصدًا -بشد المهملة المفتوحة- اسم المفعول، أي: متوسطًا بين الطول والقصر، أو بين الجسامة والنحافة، أو أن جميع أوصافه في نهاية من التوسط، كأنَّ خلقه نجى به القصد، "وفي رواية عنه" أي: أبي الطفيل "للطبراني: ما أنسى شدة بياض وجهه، مع شدة سواد شعره، وفي شعر أبي طالب" في قصيدته الطويلة التي قالها، لما تمالأت قريش على النبي -صلى الله عليه وسلم، وقدّم المصنف أبياتًا منها، "وأبيض" بالنصب, عطفًا على قوله في البيت قبله:
وما ترك قوم لا أبا لك سيدًا ... يحوط الذمار غير ذرب مواكل
لا مجرور بربَّ كما زعم، وفي رواية بالرفع, أي: هو أبيض "يستسقى الغمام بوجهه"، قاله ن مشاهدة لذلك مرتين، كما مَرَّ، لا لما رأى في وجهه من مخايل ذلك، وإن لم يشاهده، كما أبداه بعضهم احتمالًا، وجزم به آخر، فإنه عجب "ثمال اليتامى" بكسر المثلثة، وخفة الميم- هو العماد والملجأ، والمطعم والمغيث والمعين، والكافي, "عصمة للأرامل" أي: يمنعهم ما يضرهم, جمع أرملة، وهي الفقيرة التي لا زوج لها، "وقال: على أبيض مشرب" بصيغة اسم المفعول مخففًا ومثقلًا روايتان، "والمشرب هو الذي في بياضه حمرة"، أي: إنه المراد هنا "كما قال" علي "في الرواية الأخرى" عند الترمذي والبيهقي: "أبيض مشرب بحمرة"، والروايات يفسّر بعضها بعضًا، خصوصًا مع اتحاد المخرج، وإن كان الإشراب -كما في الصحاح وغيره: خلط لون بلون، كأنَّ أحد اللونين سقي بالآخر، يقال: مشرب -بالتخفيف، فإذا شدّد كان للتكثير والمبالغة، فهو هنا للمبالغة في البياض على رواية التشديد، "وبه فسّر قول أنس في صحيح مسلم"، وكذا البخاري في الصفة النبوية: "أزهر اللون"، أي: أبيض مشرب بحمرة، وقد وقع ذلك صريحًا في حديث أنس من وجه آخر عند مسلم، "وفي النسائي، من حديث أبي هريرة: بينا النبي -صلى الله عليه وسلم- جالس"، أي: بين أوقات جلوسه "بين أصحابه"؛ لأن بين، إنما

<<  <  ج: ص:  >  >>