للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال القاضي عياض: إنها وهم. قال: وكذلك رواية من روى أنه ليس بالأبيض ولا الآدم، ليس بصواب.

قال الحافظ بن حجر: هذا ليس بجيد؛ لأن المراد أنه ليس بالأبيض الشديد البياض, ولا بالآدم الشديد الأدمة، وإنما يخالط بياضه الحمرة، والعرب قد تطلق على كل من كان كذلك أسمر، ولهذا جاء في حديث أنس عند أحمد والبزار وابن منده بإسناد صحيح, أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان أسمر اللون، وأخرجه البيهقي في الدلائل من وجه آخر عن أنس، فذكر الصفة النبوية فقال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- أبيض بياضه إلى السمرة.

وفي حديث ابن عباس في صفته -صلى الله عليه وسلم: رجل بين رجلين, جسمه ولحمه، أحمر إلى البياض. أخرجه أحمد.

وقد تبيّن من مجموع الروايات أن المراد بالسمرة الحمرة التي تخالط


البياض؛ بحيث لا يخالطه حمرة، فيصير المعنى: أبيض ليس بأبيض، "و" لذا "قال القاضي عياض: إنها" أي: هذه الرواية "وهم" غلط؛ "قال: وكذلك رواية من روى أنه ليس بالأبيض ولا الآدم" بالمد، "ليس بصواب, قال الحافظ ابن حجر: هذا" الثاني "ليس بجيد؛ لأن المراد أنَّه ليس بالأبيض الشديد البياض"، بدليل وصفه في الرواية الثانية بأمهق، "ولا بالآدم الشديد الأدمة" بالضم- السمرة، "وإنما يخالط بياضه" مفعول "الحمرة" فاعل؛ لأن بياضه هو الأصل الكثير, والحمرة شيء قليل تخالطه، "والعرب قد تطلق على كل من كان كذلك أسمر"، هذا إنما يتم أن ثبت هذا الإطلاق بشاهد من كلامهم, وأتى به، كذا قيل، وفيه: إن من حفظ حجة، "ولهذا جاء في حديث أنس عند أحمد، والبزار، وابن منده، بإسناد صحيح، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان أسمر اللون"، لكن وإن صحَّ إسناده, فقد أعلَّه الحافظ العراقي بالشذوذ، فقال: هذه اللفظة انفرد بها حميد عن أنس، ورواه غيره من الرواة عنه بلفظ: أزهر اللون، ثم نظرنا من روى صفة لونه -صلى الله عليه وسلم- غير أنس، فكلهم وصفوه بالبياض، وهم خمسة عشر صحابيًّا، انتهى.
"وأخرجه البيهقي في الدلائل، وجه آخر عن أنس" بلفظ آخر، "فذكر الصفة النبوية، فقال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- أبيض، بياضه إلى السمرة"، أي: يميل إليها, بمعنى: أن فيه حمرة قليلة، "وفي حديث ابن عباس في صفته -صلى الله عليه وسلم: رجل بين رجلين"، أي: ليس بالطويل ولا القصير، "جسمه, ولحمه أحمر"، أسقط من الفتح, وفي لفظ: أسمر "إلى البياض. أخرجه أحمد" وسنده حسن، كما في الفتح "وقد تبيّن من مجموع الروايات أنَّ المراد بالسمرة الحمرة التي تخالط

<<  <  ج: ص:  >  >>