للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا مسكًا ولا عنبرًا أطيب من ريح رسول الله -صلى الله عليه وسلم. الحديث رواه الإمام أحمد.

وفي رواية البخاري: ولا شممت مسكة ولا عنبرة أطيب من رائحة النبي -صلى الله عليه وسلم.

وفي رواية الترمذي: ولا شممت مسكًا قط ولا عطرًا كان أطيب من عرق رسول الله -صلى الله عليه وسلم.


المصطفى أطيب منها؛ لأن النفي إذا كان على مقيّد توجَّه النفي إلى قيده، "ولا مسكًا" بكسر الميم- والمشهور أنه دم يتجمّد في خارج سرة ظباء معينة، في أماكن مخصوصة، وينقل بحكمة الحكيم أطيب الطيب، وفي الحديث: "أطيب الطيب المسك" رواه مسلم وغيره، "ولا عنبرًا" بنون فموحدة- روث دابّة بحرية، أو نبع عين فيه, ويؤنّث، "أطيب من ريح رسول الله -صلى الله عليه وسلم"، وهما من عطف الخاص على العام؛ إذ المراد رائحة المسك والعنبر، وهي من أفراد ما قبلها لا ذاتهما، "الحديث رواه الإمام أحمد" في المسند، "وفي رواية البخاري" في كتاب الصيام، من طريق حميد، ومسلم في الصفة النبوية من طريق ثابت، كلاهما عن أنس في آخر حديث: "ولا شممت مسكة" قطعة من مسك، "ولا عنبرة" قال الحافظ: ضبط بسكون النون، بعدها موحدة، وبكسر الموحدة، بعدها تحتانية، والأوّل معروف، والثاني طيب معمول من أخلاطٍ يجمعها الزعفران، وقيل: هو الزعفران نفسه، ووقع عند البيهقي: ولا عنبرًا ولا عبيرًا، ذكرهما جميعًا أ. هـ.
وفسَّر المصنف عنبرة -بنون ساكنة، فموحدة مفتوحة: قطعة من العنبر المعروف، "أطيب من رائحة"، وللكشميهني: من ريح "النبي -صلى الله عليه وسلم"، وإذا أودع الله بعض الحيوان محاسن بعض المشمومات كالمسك من الغزال، والزباد من الهرة، فلا بدع في أن يدع في أشرف خلقه ما هو أطيب من ذلك، من نفس خلقته، "وفي رواية الترمذي" من حديث ثابت، عن أنس في حديث: "ولا شممت مسكًا قط، ولا عطرًا" بكسر العين- الطيب, جمعه عطور، فهو عطف عام على خاص، كرواية: ولا شيئًا "كان أطيب من عرق" بفتح العين والراء- رشح بدن "رسول الله -صلى الله عليه وسلم"، وفي رواية: عرف -بفتح العين، وسكون الراء، وبالفاء- وهو الريح الطيب.
قال المصنّف: على الشمائل، وكلاهما صحيح، لكنّ معظم الطرق يؤيد الأوّل، يعني: ريحه أطيب مماسة من أنواع الروائح، فلا يرد أن نفي الشم لا يدل على الأطيبية، وهو المقصود على أنّه قد يراد بنفي العلم نفي المعلوم، والمراد حال ريحه الذاتية لا المكتسبة، كما هو المتبادر من ترجيح بعض على بعض، ولو أريد المكتسبة لم يكن فيه كمال مدح، بل لا تصح

<<  <  ج: ص:  >  >>