للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: شممت -بكسر الميم الأولى وسكون الثانية.

وعن أم عاصم امرأة عتبة بن فرقد السلمي قالت: كنَّا عند عتبة أربع نسوة، فما منَّا امرأة إلّا وهي تجتهد في الطيب لتكون أطيب من صاحبتها، وما يمسّ عتبة الطيب إلّا أن يمس دهنًا يمسح له لحيته, ولهو أطيب ريحًا منه، وكان إذا خرج إلى الناس قالوا: ما شممنا ريحًا أطيب من ريح عتبة، فقلت له يومًا: إنا لنجتهد في الطيب، ولأنت أطيب ريحًا منَّا, فممَّ ذلك؟ قال: أخذني الشرى على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأتيته, فشكوت ذلك إليه، فأمرني أن أتجرَّد، فتجردت عن ثوبي وقعدت بين يديه، وألقيت ثوبي على فرجي، فنفث في يده ثم مسح ظهري وبطني بيده، فعبق بي هذا الطيب من يومئذ


إرادته وحده، "وقوله: شممت -بكسر الميم الأولى وسكون الثانية"، وحكى الفراء فتح الأولى, وبه ردَّ زعم ابن درستويه أنها من خطأ العامة، ومضارع المكسور أشِم -بفتح الشين، والمفتوح اسم بضمها، "وعن أم عاصم امرأة عتبة" بضم المهملة، وسكون الفوقية، "ابن فرقد" بفتح الفاء، والقاف بينهما راء ساكنة- ابن يربوع بن حبيب بن مالك بن أسعد بن رفاعة، "السلمي".
وقال ابن سعد: يربوع هو فرقد، شهد خيبر، وقسم له منها، فكان يعطيه لبني أخواله عامًا، ولبني أعمامه عامًا، وغزا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- غزوتين، وولّاه عمر في الفتوح، ففتح الموصل سنة ثمان عشرة مع عياض بن غنم، ونزل بعد ذلك الكوفة، ومات بها، ذكره في الإصابة، "قالت: كنا عند عتبة" حال من "أربع نسوة"؛ لأنه في الأصل صفة لها، فلمَّا قدِّم أعرب حالًا، وأربع خبر كان، "فما منَّا امرأة إلّا وهي تجتهد في الطيب" أي: في تحصيل أحسنه واستعماله، "لتكون أطيب من صاحبتها"، كما هو شأن الضرائر، "وما يمسّ عتبة الطيب إلّا أن يمس دهنًا" مطيبًا "يمسح به لحيته، ولهو أطيب ريحًا منه، وكان إذا خرج إلى الناس قالوا: ما شممنا ريحًا أطيب من ريح عتبة، فقلت له يومًا: إنا لنجتهد في الطيب، ولأنت أطيب ريحًا منَّا، فممَّ"، أي: من أي سبب "ذلك" الوصف الذي ثبت لك، "قال: أخذني الشرى" بثور صغار حمر، حكاكة مكربة تحدث دفعة غالبًا، وتشتد ليلًا لبخارٍ حارٍّ يثور في البدن دفعة، كما في القاموس، "على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم، فأتيته، فشكوت ذلك إليه، فأمرني أن أتجرَّد، فتجردت عن ثوبي، وقعدت بين يديه، وألقيت ثوبي على فرجي" وما حوله, اقتصر عليه لكونه أفحش، ويحتمل خلافه، "فنفث في يده، ثم مسح ظهري وبطني بيديه فعبق" بفتح الباء- أي: لزق "بي هذا الطيب من يومئذ".

<<  <  ج: ص:  >  >>