للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن عائشة قالت: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أحسن الناس وجهًا وأنورهم لونًا، لم يصفه واصف قط إلا شبَّه وجهه بالقمر ليلة البدر, وكان عرقه في وجهه مثل اللؤلؤ، وأطيب من المسك الأذفر. رواه أبو نعيم.

وعن أنس قال: دخل علينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقَالَ عندنا، فعرق, وجاءت أمي بقارورة فجعلت تسلت العرق فيها، فاستيقظ -صلى الله عليه وسلم- فقال: "يا أم سليم ما هذا الذي تصنعين"؟ قالت: هذا عرقك نجعله لطيبنا، وهو أطيب الطيب. رواه مسلم.

وفي رواية كان -صلى الله عليه وسلم


التحتية، وهي أن ترضعه وهي حامل، هكذا ضبطه جمع, منهم: السيوطي، "وعن عائشة قالت: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أحسن الناس وجهًا، وأنورهم لونًا"؛ لأنه أبيض مشرب بحمرة، "لم يصفه واصف قط إلّا شبه وجهه بالقمر ليلة البدر، وكان عرقه في وجهه مثل اللؤلؤ" في البياض والصفاء، ففي مسلم عن أنس, كان -صلى الله عليه وسلم- أزهر اللون، كان عرقه اللؤلؤ، إذا مشى تكفأ، فليس المراد المثلية في التحدر، "وأطيب من المسك الأذفر" بذال معجمة، أي: طيب الريح، ويقع على الكريه، ويفرق بينهما بما يضاف إليه، ويوصف به, وأما بدال مهملة، فخصَّ بالنتن "رواه أبو نعيم" وغيره.
"وعن أنس قال: دخل علينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقَالَ عندنا"، أي: قام وقت القائلة، وهي نصف النهار، والغالب فيه الحر، "فعرق" بكسر الراء، "وجاءت أمي" أم سليم بنت ملحان بن خالد الأنصاري، يقال اسمها: سهلة، أو رميلة أو رميثة أو مليكة، أو أنيقة، وهي الغميصاء -بضم الغين المعجمة- أو الرميصاء -بالراء، اشتهرت بكنيتها، وكانت من الصحابيات الفاضلات، ماتت في خلافة عثمان، "بقارورة، فجعلت تسلت" بضم اللام- تمسح "العرق", وتجعله "فيها" أي: القارورة.
قال القاضي عياض: كانت مَحْرَم له من قِبَل الرضاع، ففيه جواز الخلوة مع المحارم، قال الأبي: علمت طيب نفسه بذلك، وإلا فالقرابة لا تبيح القدوم على ذلك، وقال شيخنا: يجوز أن سلتها بآلة، فلا تمس جسده الشريف، والعرق هنا اسم عين؛ لأنه الذي يؤخذ، فيكون مشتركًا بين المصدر والعين، أو أنه حقيقة في المصدر, مجاز في غيره، "فاستيقظ -صلى الله عليه وسلم- فقال: "يا أم سليم, ما هذا الذي تصنعين"؟ قالت: هذا عرقك"، خبر موطئ لقولها: "نجعله لطيبنا"، ولفظ مسلم: في طيبنا، "وهو أطيب الطيب"، قال الأبي: وكانت رائحة العرق أخص من رائحة البدن، كما يوجد في ضد طيب الرائحة، فإن ذا الرائحة الكريهة, هي منه في حالة العرق أكره منها في حالة عدم العرق، "رواه مسلم" عن ثابت عن أنس.
"وفي رواية" لمسلم من طريق إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس، "كان -صلى الله عليه وسلم-

<<  <  ج: ص:  >  >>