"فجميع الأخلاق الحميدة كلها كانت فيه -صلى الله عليه وسلم، فإنه أُدِّب بالقرآن، كما قالت عائشة -رضي الله عنها- فيما رواه مسلم وغيره: "كان خلقه القرآن" يغضب لغضبه، ويرضى لرضاه، ابن الأثير: أي كان متمسكا بآدابه وأوامره ونواهيه، وما يشتمل عليه من المكارم والمحاسن. وقال البيضاوي: أي جميع ما حصل في القرآن، فإن كل ما استحصنه، وأثنى عليه، ودعا إليه قد تحلَّى به، وكل ما استهجنه، ونهى عنه, تجنبه وتخلَّى عنه، فكان القرآن بيان خلقه، وفي الديباج معناه العمل به، والوقوف عند حدوده، والتأدُّب بآدابه، والاعتبار بأمثاله وقصصه, وتدبره وحسن تلاوته. انتهى. وهي متقاربة، ثم هذا الحديث أخرجه الإمام أحمد، ومسلم، وأبو داود، عنها بهذا اللفظ، وزيادة يغضب لغضبه، ويرضى لرضاه، ورواه ابن أبي شيبة وغيره، أن عائشة سُئِلَت عن خلقه -صلى الله عليه وسلم- فقالت: كان أحسن الناس خلقًا، كان خلقه القرآن؛ يرضى لرضاه، ويغضب لغضبه، لم يكن فاحشًا ولا متفحشًا، ولا صخَّابا في الأسواق، ولا يجزي بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويصفح، ثم قالت: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} [المؤمنون: ١] الآية، إلى العشر، فقرأ السائل، فقالت: هكذا كان خلقه -صلى الله عليه وسلم. "قال بعض العارفين: وقد عُلِمَ أن القرآن فيه المتشابه الذي لا يعلم تأويله إلّا الله، والراسخون في العلم" مبتدأ خبره، "يقولون آمنَّا به، أي: أقررناه في نصابه" أي: أصله،