"والشرط الثالث من شروط المعجزة: أن لا يأتي أحد بمثل ما أتى به المتحدي،" الطالب للمعارضة، وهو مدعي الرسالة "على وجه المعارضة" له، "وعبَّر عنه بعضهم بقوله: دعوى الرسالة مع أمن المعارضة" له، وهو أحسن من التعبير بعدم المعارضة؛ لأنه لا يلزم من عدم المعارضة امتناعها، والشرط إنما هو عدم إمكانها" لا عدمها، "وقد خرج بقيد التحدي الخارق من غير تحدٍ وهو الكرامة للولي" وهي وإن لم تكن معجزة له، لكنَّها كرامة لنبيه، كذا قيل، ونظر فيه ابن أبي شريف، بأن المعروف أن المعجزة هي الخارق الذي يظهر على يد مدعي النبوة بعد دعواها، ومن عَدَّ الإرهاصات والكرامات معجزات، فسبيله التغليب والتشبيه، وليست معجزات حقيقة. قال التفتازاني: والولي هو العارف بالله وصفاته حسبما يمكن المواظب على الطاعات، المتجنب عن المعاصي، المعرض عن الانهماك في اللذات والشهوات. قال شارح الهمزية: ويتجه أن هذا ضابط الولي الكامل، وأن أصل الولاية يحصل لمن وجدت فيه صفات العدالة الباطنة بالشروط المذكورة عند الفقهاء، "وبالمقارنة الخارق المتقدم على التحدي، "كإظلال الغمام وشق الصدر، الواقعين لنبينا -صلى الله عليه وسلم- قبل دعوى الرسالة، فإنها ليست معجزات, إنما هي كرامات لظهورها على الأولياء جائز، والأنبياء قبل نبوتهم لا يقصرون عن درجة الأولياء، فيجوز ظهورها" تأسيسًا لنبوتهم التي ستحصل, "وكلام عيسى في المهد، وما شابه ذلك مما وقع من الخوارق قبل دعوى الرسالة عليه أيضًا، وحينئذ