وروى البيهقي في شعبة والديلمي، عن ابن عباس رفعه، قال: "اقتربت تدعى في التوراة المبيضة، تبيّض وجه صاحبها يوم تسود الوجوه". "والمراد: وقوع انشقاقه بالفعل" عند الجمهور فلقتين في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم، كما يأتي في الأحاديث لا الوعد به يوم القيامة، كما قال بعض أهل العلم من القدماء، وأنه من التعبير بالماضي عن المستقبل، كما قال تعالى: {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ} الآية. أي: سيأتي. ونكتة ذلك إرادة المبالغة في تحقيق وقوع ذلك، فنزل الواقع، وما ذهب إليه الجمهور أصح، كما قال الحافظ وغيره، "ويؤيده قوله تعالى بعد ذلك" يتلوه: {وَإِنْ يَرَوْا} الآية. أي: كفار قريش، {آيَةً} الآية. أي: معجزة له -صلى الله عليه وسلم {يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا} الآية، هذا {سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ} قويّ من المرَّة، وهي القوة، أو دائم مطَّرد، فيدل على أنهم رأوا قبله آيات أخرى مترادفة، ومعجزات متتابعة حتى قالوا ذلك، أو مستبشع من استمرَّ، إذا اشتدت مرارته، أو مارّ: ذاهب لا يبقى، "فإن ذلك ظاهر في أن المراد بقوله: {انْشَقَّ} الآية. "وقوع انشقاقه؛ لأن الكفَّار لا يقولون ذلك"، أي: سحر مستمر فيما ظهر على يد النبي من الآيات "يوم القيامة" لظهور الأمر واتضاحه، "فإذا تبيِّن أن قولهم ذلك إنما هو في الدنيا، تبيِّن وقوع الانشقاق" بالفعل، "وأنه المراد بالآية التي زعموا أنها سحر، وسيأتي ذلك صريحًا في حديث ابن مسعود وغيره،" كحذيفة، وجبير بن مطعم، وابن عباس. وفي الدلائل لأبي نعيم، عن ابن عباس: انشقَّ القمر ليلة أربع عشرة نصفًا على الصفا، ونصفًا على المروة، قدر ما بين العصر إلى الليل، ويؤيده أيضًا، كما في البيضاوي: أنه قرئ: وقد انشقَّ القمر، أي: وقد حصل من آيات اقتراب الساعة انشقاق القمر. وقال الحليمي: من الناس من يقول: المراد سينشق، فإن كان كذلك فقد وقع في عصرنا، فشاهدت الهلال ببخارى في الليلة الثانية منشقًّا نصفين، عرض كل واحد منهما، كعرض القمر