للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والبارز منهم بالصحراء إذا كان يقظانًا يحتمل أن يتفق أنه كان مشغولًا في ذلك الوقت بما يلهيه من سمر وغيره. ومن المستبعد ان يقصدوا إلى مراكز القمر ناظرين إليه لا يغفلون عنه، فقد يجوز أنه وقع ولم يشعر به أكثر الناس، وإنما تصدَّى لرؤيته من اقترح وقوعه، ولعل ذلك إنما كان في قدر اللحظة التي هي مدرك البصر، وقد يكون القمر حينئذ في بعض المنازل التي تظهر لبعض الآفاق دون بعض، كما يكون ظاهر القوم غائبًا عن قوم، وكما يجد الكسوف أهل بلد دون بلد أخرى.

وقد أبدى الخطابي حكمة بالغة في كون المعجزات المحمدية لم يبلغ منها شيء مبلغ التواتر الذي لا نزاع فيه كالقرءان بما حاصله: إن معجزة كل نبي كانت إذا وقعت عامَّة أعقبت هلاك من كذَّب به من....


لا يرون القمر، بل ولا السماء "والبارز منهم بالصحراء إذا كان يقظانًا يحتمل أن يتَّفق أنه كان مشغولًا في ذلك الوقت بما يلهيه من سمر" حديث الليل "وغيره, ومن المستبعد" عقلًا وعادةً "أن يقصدوا إلى مراكز القمر، ناظرين إليه لا يغفلون عنه، فقد يجوز أنه وقع ولم يشعر به أكثر الناس، وإنما تصدَّى لرؤيته من اقترح وقوعه", وقد يقع بالمشاهدة في العادة أن ينكسف القمر، وتبدو الكواكب العظام، وغير ذلك في الليل، ولا يشاهدها إلا الآحاد، وكذلك الانشقاق آية وقعت في الليل لقوم سألوا واقترحوا، فلم يتأهب لها غيرهم، كما في الفتح، تبعًا لما بسطه في الشفاء.
ولعل ذلك إنما كان في قدر اللحظة التي هي مدرك البصر، "يرد على ترجية قول ابن عباس: قدر ما بين العصر إلى الليل، كما مَرَّ، إلّا أن يحمل على أنّ الانشقاق الواقع في الابتداء كان بقدر إدراك البصر، ثم أخذ في الالتئام، فلم يتمّ، وبقي خلاء بين الفلقتين، دام قدر ما بين العصر إلى الليل، "وقد يكون القمر حينئذ في بعض المنازل التي تظهر لبعض الآفاق" النواحي "دون البعض، كما يكون ظاهر القوم غائبًا عن قوم" فقد يكون ليلة انشقاقه طالعًا بمكة دون غيرها، فلو قال غيرهم: لم نر انشقاقه تلك الليلة لم يكذبوا، "وكما يج الكسوف أهل بلد دون أهل بلد أخرى" وفي بعضها كلية، وفي بعضها جزئية، وفي بعضها لا يعرفها إلّا المدعون علمها، ذلك تقدير العزيز العليم.
"وقد أبدى الخطابي حكمة بالغة في كون المعجزات المحمدية لم يبلغ منها شيء مبلغ التواتر الذي لا نزاع فيه، كالقرآن" أي: كبلوغ القرآن. ولفظ الفتح: إلا القرآن، وكل صحيح، "بما حاصله" أن معجزة كل نبي كانت إذا وقعت عامّة أعقبت هلاك من كذب به من

<<  <  ج: ص:  >  >>