زاد الحافظ: وذكر أبو نعيم في الدلائل نحو ما ذكره الخطابي، وزاد: ولا سيما إذا وقعت الآية في كل بلدة كان عامة أهلها يومئذ الكفار، الذين يعتقدون أنها سحر، ويجتهدون في إطفاء نور الله. قلت: وهو جيد بالنسبة إلى من سأل عن الحكمة في قلة من نقل ذلك من الصحابة، وأمَّا من سأل عن السبب في كون أهل التنجيم لم يذكروه فجوابه: إنه لم ينقل عن أحد منهم أنه نفاه، وهذا كافٍ، فإن الحجة فيمن أثبتت لا فيمن لم يوجد عنه صريح النفي، حتى إن كل مَنْ وُجِدَ منه صريح النفي يقدم عليه من وُجِدَ منه صريح الإثبات، انتهى. "وكذا أجاب ابن عبد البر بنحوه" أي: بنحو جواب الخطابي، وقال: قد يطلع على قوم قبل طلوعه على أخرين, وأيضًا فإن زمن الانشقاق لم يطل، ولم تتوافر الدواعي على الاعتناء بالنظر إليه، ومع ذلك فقد بعث أهل مكة إلى آفاق مكة يسألون عن ذلك، فجاءت السفار، وأخبروا بأنهم عاينوا ذلك، وذلك لأن المسافرين في الليل غالبًا يكونون في ضوء القمر، ولا يخفى عليهم ذلك. وقال القرطبي: الموانع من مشاهدة ذلك إذا لم يحصل القصد إليه غير منحصرة، ويحتمل أن الله صرف جميع أهل الأرض، غير أهل مكة وما حولها، عن الالتفات إلى القمر في تلك الساعة، ليختص بمشاهدته أهل مكة، كما اختصوا بمشاهدة أكثر الآيات، ونقلوها إلى غيرهم. قال الحافظ: وفيه نظر؛ لأن أحدًا لم ينقل أن أحدًا من أهل الآفاق غير أهل مكة ذكروا أنهم رصدوا القمر تلك الليلة المعينة، فلم يشاهدوا انشقاقه، فلو نقل ذلك لكان الجواب الذي أبداه القرطبي جيدًا، ولكن لم ينقل عن أحد من أهل الأرض شيء من ذلك، فالاقتصار حينئذ على جواب الخطابي، ومن وافقه أوضح.