للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كنَّا نأكل مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الطعام، ونحن نسمع تسبيح الطعام.

وعن جعفر بن محمد عن أبيه قال: مرض النبي -صلى الله عليه وسلم, فأتاه جبريل بطبق فيه رمان وعنب فأكل منه النبي -صلى الله عليه وسلم- فسبح. رواه القاضي عياض في "الشفاء"............


"حيّ على الطهور المبارك، والبركة من الله"، فلقد رأيت الماء ينبع من بين أصابعه -صلى الله عليه وسلم، ولقد كنَّا نسمع تسبيح الطعام وهو يؤكل. هذا لفظ البخاري.
وأما قوله: "كنَّا نأكل مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الطعام ونحن نسمع تسبيح الطعام"، فهو لفظ الترمذي، فتسامح المؤلف بعزوه للبخاري وإتيانه بلفظ الترمذي، فلو عزاه لهما لسهل ذلك، وقد قال الحافظ وتبعه المصنف، قوله: كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يؤكل، أي: في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- غالبًا، ووقع ذلك عند الإسماعيلي صريحًا من الوجه الذي أخرجه من البخاري، بلفظ: كنا نأكل مع النبي -صلى الله عليه وسلم- الطعام، ونن نسمع تسبيح الطعام، زاد الحافظ: وله شاهد عند البيهقي، كان أبو الدرداء وسلمان إذا كتب أحدهما إلى الآخر، قال: بآية الصحفة، وذلك أنهما بينا هما يأكلان في صحفة إذ سبحت وما فيها. انتهى. ولأبي الشيخ عن أنس: أتى -صلى الله عليه وسلم- بطعام ثريد، فقال: "إن هذا الطعام يسبح" قالوا: أوتفقه تسبيحه؟ قال: "نعم"، ثم قال لرجل: "أدن هذه القطعة من هذا الرجل" فأدناها، فقال: نعم يا رسول الله، هذا الطعام يسبّح، ثم قال: "ردها" فردها. وظاهر هذين الحديثين أنه كان يسبح وهو في الإناء، وظاهر حديث البخاري أنه كان يسبح بعد وضعه في الفم، ولا مانع منهم، ثم هذا كله مما يستأنس به؛ لأن معنى قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ} الآية. تسبيح حقيقي بلسان المقال لا بلسان الحال, ويشهد له قوله: {وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} الآية. إذ لو كان بلسان الحال لفهمناه, وفي قوله: كنَّا دليل على تكرّره، وأنه وقع مرارًا عديدة، وهو آية للنبي -صلى الله عليه وسلم- أعظم من تسبيح الجبال مع داود، وفهم نطق الطير لسليمان.
"وعن جعفر" الصادق "بن محمد، عن أبيه" محمد الباقر بن علي، زين العابدين بن الحسين، بن علي بن أبي طالب، "قال" محمّد: "مرض النبي -صلى الله عليه وسلم، فأتاه جبريل بطبق،" أي: وعاء مجازًا، وإن كان الطبق لغة الغطاء؛ لأنه على هيئته، "فيه رمّان وعنب" من الجنة على الظاهر، وزعم أنهما من الدنيا، إذ لو كانا من الجنة لم يفنيا، لقوله: {أُكُلُهَا دَائِمٌ} لا يسمع، الآية؛ لأن ذاك في يوم القيامة، "فأكل منه النبي -صلى الله عليه وسلم, أي: فأراد الأكل منه؛ إذ تناوله بيده لا بعد الأكل؛ كقوله: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا} [المائدة: ٦] كذا لبعض, "رواه" أي: ذكره القاضي عياض في الشفاء" بلا إسناد تعليقًا.
قال السيوطي: ولم أجده في كتب الحديث، يعني: المشهورة، فلا ينافي اطّلاع عياض

<<  <  ج: ص:  >  >>