"واعلم: أن التسبيح من قبيل الألفاظ الدالة على معنى التنزيه، واللفظ يوجد حقيقة ممن قام به اللفظ،" وهو الحيوان الناطق، "فيكون في غير من قام به مجازًا" علاقته المشابهة في النطق، "فالطعام والحصى والشجر ونحو ذلك، كل منهما متكلم باعتبار خلق الكلام", وهذا من قبيل خرق العادة"؛ إذ خلق الله فيها النطق بما تنزهه به، لا أنه عبارة عن أحد كان يسبح حين أحضر الطعام أو الحصيات ونحوهما؛ لأنه خروج عن الظاهر بلا دليل، وخوارق العادات لا تقاس بالمعهودات. "وفي قوله: ونحن نسمع تسبيحه، تصريح بكرامة الصحابة بسماع هذه التسبيح وفهمه،" مع أنه ليس بمعهود"وذلك ببركته -صلى الله عليه وسلم"؛ حيث سرَّى سرَّه إليهم، وهي أعظم من معجزة داود -عليه السلام- في تسبيح الجبال معه؛ لأنها لم تسبح بيده، بخلاف نبينا، فسبَّحت بيده, ويد من أراده من أمته، وتسبيح الطعام أعظم منهما؛ إذ لم يعهد مثله، والجبال قد وصفت بالخضوع والخشوع، ومن فهم سليمان منطق الطير؛ لأنه ناطق في الجملة بخلاف الطعام، والله أعلم. "ومن ذلك تسليم الحجر عليه -صلى الله عليه وسلم" قال ابن سيد الناس: يحتمل أن يكون هذا التسليم حقيقة، ويكون الله أنطقه بذلك، كما خلق الحنين في الجذع، ويحتمل أن يكون مضافًا إلى ملائكة يسكنون هناك من باب: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} الآية. فيكون من مجاز الحذف، وهو علم ظاهر من أعلام نبوّته على كلا التقريرين، انتهى، وبالأوّل جزم النووي، فقال في شرح مسلم: سلامه حقيقة، وقيل في قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ} الآية. أنه