"خرَّج مسلم من حديث جابر بن سمرة" صحابي بن صحابي، نزل الكوفة ومات بها بعد سنة سبعين، "قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "إني لأعرف حجرًا بمكة كان يسلّم عليّ" أي: يقول: السلام عليك يا رسول الله، "قبل أن أبعث، إني لأعرفه الآن" , استحضار لمشاهدته حتى كأنه يسمع سلامه الآن. قاله عياض، وتأكيده بأن، وتنكيره إشارة إلى أن له شأنًا خاصًّا به، وأنه حجر ليس كسائر الحجارة، ولذا روي أنه الحجر الأسود، فلا يقال: لا فائدة في ذكر حجر واحد، مع أنه كان لا يمر بحجر ولا شجر إلّا سلم عليه. "وقد اختُلِفَ في هذا الحجر، فقيل: هو في الحجر الأسود", كما روي في بعض المسندات، قاله في الروض والعيون، وقال في الإكمال، وفي غير مسلم: كانوا يرونه الحجر الأسود، انتهى. فصرَّحوا بأنه رواية، ولا ينافيه قوله: "إني لأعرفه الآن"؛ إذ الحجر الأسود يشاركه في معرفته جميع الناس؛ لأن المراد: إني لأستحضر ذلك ولم أنسه، حتى كأني أسمع سلامه الآن، كما ذكره عياض. "وقيل: هو حجر غيره بزقاق يعرف به" أي: بزقاق الحجر "بمكة" وزقاق المرفق، والناس يتبركون بلمسه، ويقولون: إنه هو الذي كان يسلم على النبي -صلى الله عليه وسلم- متى اجتاز به", ولكن الأول أصح؛ لأنه رواية، "وقد ذكر الإمام عبد الله محمد بن رشيد -بضم الراء،" مصغر رشد، نسبة لجده الأعلى؛ إذ ومحمد بن عمر بن محمد بن عمر بن محمد بن إدريس بن سعيد بن مسعود بن حسن بن محمد بن عمر بن رشيد الفهري، السبتي، ولد بها سنة سبع وخمسين وستمائة، وكان إمامًا حافظًا متضلعًا من العلوم، عالي الإسناد، صحيح النقل، أخذ عن خلق بالمغرب، والشام، والحجاز, ضمنهم رحلته، وعاد إلى غرناطة فنشر بها العلم، ومات بفاس سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة، "في رحلته" التي سماها: ملء العيبة، وهي ست مجلدات.