للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لما حرَّفوا الكلم، وإن تلك رجفة الغضب، وهذه هزة الطرب، ولهذا نص على مقام النبوة والصديقية والشهادة التي توجب سرور ما اتصلت به لا رجفانه، فأقرَّ الجبل بذلك فاستقرَّ، انتهى.

وأحد: جبل بالمدينة، وهو الذي قال فيه: "أحد جبل يحبنا ونحبه"، رواه البخاري ومسلم.

واختلف في المراد بذلك، فقيل: أراد به أهل المدينة..............................


منكم رجلان فتشاجروا، فقال: إن لمن قعد أجر من خرج، فقعد كالب ويوشع، وذهب مع الباقين، فلما دنوا من الجبل غشيه غمام، فدخله موسى بهم، وخروا سجدًا، فسمعوه يكلم موسى، يأمره وينهاه، ثم انكشف الغمام، فقالوا: {لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً} ، فأخذتهم الرجفة، أي: الصاعقة، أو رجفة الجبل، فصعقوا منها، أي: ماتوا.
"لما حرفوا الكلم، وإن تلك" الواقعة لقوم موسى، "رجفة الغضب" عليهم، "وهذه هزة" بكسر الهاء وشد الزاي، نشاط وارتياح "الطرب:" الفرح والخفة اللاحقة من السرور، "ولهذا نصَّ على مقام النبوة، والصديقية، والشهادة التي توجب سرور ما اتصلت به لا رجفانة،" بفتحتين: اضطرابه الشديد، "فأقَرَّ" أي: أثبت النبي -صلى الله عليه وسلم "الجبل بذلك" القول، "فاستقرَّ:" ثبت، انتهى" كلام ابن المنير.
ويرد عليه أن كونه أراد بيان ذلك لا يظهر مع قوله: فإنما عليك؛ لأنه نهي عن تلك الحالة، فلو كانت فرحًا لأقرَّه وما نهاه، بل قد يقتضي ذلك زيادة فرحه، فتزداد هزته.
والجواب: إنه أراد تسكينه خشية الضرر لأصحابه، لئلّا يتولد منه ضرر، والذي يظهر لي أنه أراد لومه على فعله؛ لأنه وإن كان فرحًا، لكن فيه ترك الأدب مع من عليه، ويدل لذلك التعليل بقوله: "فإنما عليك.... " إلخ. وقد قيل: سبب تحركه مهابته -صلى الله عليه وسلم، أو خوف الجبل من الله، أو أنه لزللة اتفقت عند صعودهم عليه.
"وأحد جبل بالمدينة" على أقل من فرسخ منها؛ لأنَّ بين أوله وبين بابها المعروف بباب البقيع ميلين وأربعة أسباع ميل، تزيد قليلًا، كما حرره السمهودي، "وهو الذي قال فيه: "أحد جبل" خبر موطيء لقوله: "يحبنا ونحبه" حقيقة؛ لأن جزاء من يحب أن يحب، وزاد في رواية أحمد: "وهو من جبال الجنة"، "رواه البخاري ومسلم" عن أنس، والبخاري أيضًا عن سهل، وفي رواية لهما أيضًا: أن أحدًا، "واختلف في المراد بذلك، فقيل: أراد به أهل المدينة".

<<  <  ج: ص:  >  >>