قال الشاعر: وما حب الديار شغفن قلبي ... ولكن حب من سكن الديارا "وقال البغوي: فيما حكاه الحافظ المنذري: الأولى إجراؤه على ظاهره، من أنه حب حقيقي من الجبل، ورجَّحه النووي وغيره، "ولا ينكر وصف الجمادات" التي هي سبب دعوى المجاز، لعدم عقلها "بحب، الأنبياء والأولياء وأهل الطاعة" عطف عام على خاص، "كما حنت الأسطوانة" بضم الهمزة، والطاء والنون، أصلية عند الخليل، فوزنها أفعواله، وزائدة عند بعضهم، والواو أصل، فوزنها: افعلانة، والمراد بها: الجذع الذي حن له، كما يأتي على مفارقته صلى الله عليه وسلم" لما تركها وخطب على المنبر، فخار كما يخور الثور، "حتى سمع الناس حنينها إلى أن سكنها،" كما يأتي تفصيله، "وكما أخبر أن حجرا كان يسلم عليه، بمكة "قبل الوحي" كما مر قريبا، فلا ينكر أن يكون جبل أحد وجميع أجزاء المدينة تحبه" قيقة، "وتحن إلى لقائه حال مفارقته إياها، انتهى". "وقال الحافظ المنذري: وهذا الذي قاله البغوي جيد"؛ لأن فيه إبقاء اللفظ على حقيقته الذي هو الأصل، ورفع توهم بقائه على حقيقته، وقد صحَّحه النووي وغيره، فوضع الله الحب في الجبل، كما وضع التسبيح في الجبال مع داود، والخشية في الحجارة، حيث قال: {وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ} [البقرة: ٧٤] ، وقمت لذلك مزيدًا في غزوة أحد. "وعن ثمامة" بمثلثة مضمومة، وميمين خفيفتين، ابن شراحيل اليماني، مقبول، من أواسط التابعين، روى له أبو داود والترمذي والنسائي، وروايته له في الكبرى، كما في التقريب وغيره،