ولما ذكر أحاديث تكليم المصطفى -صلى الله عليه وسلم- للجبال ذكر حديث تكليم الجبل له، فقال: "ولما طلبته -عليه الصلاة والسلام- قريش" حين خرج مهاجرًا، وأرسلوا خلفه من يطلبه، وقد صعد ثبيرًا "قال له ثبير: اهبط يا رسول الله" انزل من فوقي، واذهب إلى مكان آخر تختفي به عنهم، "إني أخاف أن يقتلوك على ظهري، فيعذبني الله تعالى" بالنصب عطفًا على يقتلوك، فإنما خاف العذاب بسبب قتله؛ لأنه لو قتل على ظهره غضب الله على المكان الذي يقع فيه مثل هذا الأمر العظيم، كما غضب على أرض ثمود، فلا يرد كيف يعذب بذنب غيره، ولا تزر وازرة وزر أخرى، وتوجيهه بأنه خوف بمعنى حزنه وتأسفه عليه، نحو ذلك مما لا وجه له، "فقال له حراء: إليّ" بشد الياء المفتوحة، أي: ائت، أو هو اسم فعل بمعنى أقبل "يا رسول الله", ألهمه الله تعالى أن يقدره على أن ينشق ويستتر في جوفه، ونحو ذلك مما تقع به سلامته، فلم يذهب إليه لسبق تعبده به، فخاف أن يطلبوه فيه، "رواه" أي: ذكره "في الشفاء" بلا إسناد بلفظ وقد روى أنه حين طلبته قريش فذكره, "وهو حديث مروي في الهجرة من السير" بلا إسناد، ولم يخرجه في مناهل الصفاء، "وحراء قابل" مواجه "لثبير، والوادي بينهما وهو على يسار السالك إلى منى، وحراء قبلي ثبير، مما يلي شمال الشمس، وهذه الواقعة غير واقعة ثور في خبر الهجرة", فكأنها كانت قبل توجهه إلى غار ثور الذي اختفى فيه، "هذا هو الظاهر، والله أعلم،" لكن مقتضى قوله في حديث الصحيح: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- والصديق, وعدا الدليل غار ثور،