"فلمَّا صنع" من أثل الغابة، كما في الصحيح، "وضعه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- موضعه الذي هو فيه، فكان إذا بدا لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يخطب تجاوز الجذع الذي كان يخطب عليه، خار،" بخاء معجمة: صوت، وهو في الأصل يختص بصياح البقر، ثم توسعوا فيه في أصوات جميع البهائم، ثم قاله الراغب، فإطلاقه على صوت الجذع مجاز، "حتى تصدَّع وانشقَّ،" عطف تفسير؛ إذ حقيقة الصدع شق الأجسام الصلبة، كالزجاج والحديد، ثم استعير منه صدع الأمر بينه كأصدح بما تؤمر، وهو مبالغة في شدة صياحه، كما يقال: صاح حتى انفلق، ويجوز بقاؤه على ظاهره، ولكن يؤيد الأول قوله: "فنزل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لما سمع صوت الجذع، فمسحه بيده،" فسكت، كما في رواية لزوال ألمه بقربه منه ومشيه له، ثم رجع إلى المنبر. الحديث. "وأما حديث جابر، فرواه البخاري من طيق" في مواضع, "وفي لفظ له" في علامات النبوة وغيرها، عن شيخه أبي نعيم، عن عبد الواحد بن أيمن، عن أبيه، عن جابر: "أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يقوم يوم الجمعة" يخطب "إلى شجرة، أو" قال: إلى نخلة بالشكِّ من الراوي، وقد أخرجه الإسماعيلي من طريق وكيع، عن عبد الواحد، فقال: إلى نخلة، أي: إلى جذع نخلة، "فقالت امرأة من الأنصار" لم تسم, أو هي فكيهة بنت عبيد بن دليم زوجة سعد بن عبادة، وقول المستغفري: اسمها علاثة، تصحيف، وللطبراني اسمها عائشة، وإسناده ضعيف، "أو رجل" شكّ من الراوي، والمعتمد الأول، وقد تقدَّم بيانه في الجمعة، والخلاف في اسمها قاله في الفتح, وقال في مقدمته: في رواية البيهقي أنه تميم الداري, وقدّمنا الخلاف في اسم صانع المنبر، ورجَّحنا أن تميمًا هو المشير به، وأن صانعه الذي قطعه من طرفاء الغابة هو المختلف في اسمه، انتهى. ويقع في نسخ المصنف: أو رجل "من الأنصار" وليس في البخاري من الأنصار، ولا يصحّ لرواية البيهقي، فقال تميم: وليس من الأنصار، "ألا" بالتحفيف "نجعل لك منبرًا؟ قال: "إن شئتم" جعله فاجعلوا، "فجعلوا له منبرًا, فلمَّا كان يوم الجمعة"