للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتى أدخله في العمل، فقال له أصحابه: يا رسول الله، هذه بهيمة لا تعقل تسجد لك, ونحن نعقل فنحن أحق بالسجود لك، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "لا يصلح لبشر أن يسجد لبشر، لو صلح لبشر أن يسجد لبشر لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها من عظيم حقه عليها"، رواه أحمد والنسائي بإسناد جيد.

والحائط: هو البستان.

وقوله: نسني -بالنون والسين المهملة- أي: نسقي عليه.


ونحن أكثر ما كنَّا قط، وفي حديث جابر: "ما من صاحب إبل لا يفعل فيها حقها إلّا جاءت يوم القيامة أكبر ما كانت قط" , وفي حديث سمرة في صلاة الكسوف: فقام بنا كأطول ما قام بنا في صلاة، ثم ركع كأطول ما ركع بنا في صلاة قط، ثم سجد بنا كأطول ما سجد بنا في صلاة قط. ففي هذه الأحاديث استعمال قط غير مسبوقة بنفي، "حتى أدخله في العمل، فقال له أصحابه: يا رسول الله! هذه" أنت والجمل مذكر، مراعاة للخبر، وهو "بهيمة لا تعقل" صفة كاشفة، ففي القاموس: البهيمة كل ذات أربع قوائم ولو في الماء، أو كل حي لا يميز، والمراد الثاني، "تسجد لك، ونحن نعقل، فنحن أحق بالسجود لك" منها، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "لا يصلح لبشر أن يسجد لبشر" إنما يسجد لله، "لو صلح لبشر أن يسجد لبشر، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها من عظم حقه عليها".
قال ابن العربي: فيه تعظيم وهو جائز، فقد سجدت الملائكة لآدم، وأخبر المصطفى أنه لا يكون، ولو كان لجعل للمرأة في آداب حق الزوج، وقال غيره فيه: إن السجود لمخلوق لا يجوز، وسجود الملائكة خضوع وتواضع له من أجل علم الأسماء التي علمها الله له وإنبائهم بها، فسجودهم إنما هو ائتمام به، لأنه خليفة الله، لا سجود عبادة, إن الله لا يأمر بالفحشاء.
"رواه أحمد والنسائي، بإسناد جيد"، رواته ثقات مشهورون، كما قاله المنذري وبقيته عندهما: "والذي نفسي بيده, لو كان من قدمه إلى مفرق رأسه يتبجّس بالقيح والصديد، ثم استقبلته تلحسه, ما أدت حقه" , ويتبجس -بفتح التحتية، والفوقية، والموحدة، والجيم الثقيلة، فسين مهملة: يتفجر، وفيه تأكيد حق الزوج، وحث على ما يجب من بره، ووفاء عهده، والقيام بحقه، "ولهن على الأزواج ما للرجال عليهن"، قاله بعض، "والحائط هو البستان" أي: المراد به ذلك تجوز، أو أصله اسم فاعل من حاطه، إذا أحاط به ودار عليه، ثم نقل للبستان نفسه الذي فيه الشجر والنخل، "وقوله: نسني بالنون والسين المهملة، أي: نسقي عليه" بيان المراد من هذه الصيغة، وقضيته أن ألفه منقلبة عن ياء، ومقتضى الصحاح، والنهاية والقاموس أنه واوي، كما مَرَّ، فقياسه نسنو، أو هما لغتان، حكاهما ابن مالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>