للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي حديث يعلي بن مرة الثقفي: بينما نحن نسير مع النبي -صلى الله عليه وسلم؛ إذ مررنا ببعير يسنى عليه، فلمَّا رآه البعير جرجر، فوضع جرانه، فوقف عليه النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: أين صاحب هذا البعير، فجاءه، فقال: "بعنيه"، فقال: بل نهبه لك يا رسول الله، وإنه لأهل بيت ما لهم معيشة غيره، فقال: "أما إذ ذكرت هذا من أمره، فإنه شكا كثرة العمل، وقلة العلف، فأحسنوا إليه"، رواه البغوي في شرح السنة.

والجران -بكسر الجيم، قال ابن فارس: مقدم عنق البعير من مذبحه إلى منحره.

وروى الإمام أحمد قصة أخرى نحو ما تقدَّم من حديث جابر ضعيفة السند، والبيهقي بإسناد جيد.


"وفي حديث يعلى بن مرة الثقفي" تقدَّم التعريف به قريبًا: "بينما نحن نسير مع النبي -صلى الله عليه وسلم" في سفر، "إذ مررنا ببعير يسنى" بضم أوله، مبني للمجهول يسقى "عليه، فلمَّا رآه البعير جرجر"، بجيمين وراءين بلا نقط، أي: صوّت كثيرًا بشدة، وردَّد ذلك، لكن بالصوت المعتاد للإبل على المتبادر، ويكون وجه المعجزة قوله: "فوضع جرانه" بالكسرة مقدم عنقه، كما يأتي عند رؤيته -صلى الله عليه وسلم، فهذا من طاعة الحيوان مع فهمه -عليه السلام- من جرجرته شكواه، "فوقف عليه النبي -صلى الله عليه وسلم" من مزيد لطفه وشفقته على خلق الله، "فقال: "أين صاحب هذا البعير؟ " فجاءه، فقال: "بعنيه" فقال: بل نهبه لك يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم" بلا عوض، "وإنه لأهل بيت ما لهم معيشة غيره، فقال: "أما إذا ذكرت هذا من أمره" فلا أقبله بشراء ولا هبة، فحذف جواب.
أما وقوله: "فإنه" ليس جوابها لعدم ترتبه عليه، فهو علة لمقدر رأى وطلبت شراءه، فإنه "شكا" بجرجرته فهم ذلك منها، أمر خارق أظهره الله له تعظيمًا وإجلالًا، قاله شيخنا.
وقال غيره: الظاهر أن شكايته بنطق فهي معجزة، "كثرة العمل وقلة العلف" بفتحتين، بمعنى المعلوف من قوت الدواب من حبوب وغيرها، "فأحسنوا إليه" بقلة العمل وكثرة العلف، "رواه البغوي" المتأخر "في شرح السنة" وتقدَّم بعض ترجمته، وقد روى حديث يعلى أحمد، والحاكم، والبيهقي بسند صحيح، والجران -بكسر الجيم، بعدها راء، فألف، فنون: "قال ابن فارس: مقدم عنق البعير من مذبحه" أي: محله لو ذبح, وهو ما تحت الحنك من الحلق, "إلى منحره" أي: لبته، وهي أصل العنق، "وروى الإمام أحمد قصة أخرى نحو ما تقدَّم" عن يعلى "من حديث ضعيفة السند، و" لكن رواها "البيهقي" في الدلائل"بإسناد جيد"؛ لأن

<<  <  ج: ص:  >  >>