للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما حديث ابن عمر فأخرجه أبو سعد الماليني والبيهقي, وأما حديث أنس فأخرجه أبو نعيم في الدلائل، وأما حديث أبي هريرة فرواه سعيد بن منصور في سننه قال: جاء الذئب فأقعى بين يدي النبي -صلى الله عليه وسلم, وجعل يبصبص بذنبه، فقال -صلى الله عليه وسلم: "هذا وافد الذئاب جاء يسألكم أن تجعلوا له من أموالكم شيئًا" , قالوا: والله لا نفعل، وأخذ رجل من القوم حجرًا ورماه به، فأدبر الذئب وله عواء، فقال -صلى الله عليه وسلم: "الذئب وما الذئب".


فولد له، ففي حديث أبي هريرة عند أحمد، فقال له -صلى الله عليه وسلم: "إذا صليت الصبح معنا، فأخبر الناس بما رأيت" , فلما أصبح الرجل وصلى الصبح، أمر -صلى الله عليه وسلم- فنودي بالصلاة جامعة، ثم خرج، فقال للأعرابي: "أخبرهم" فأخبرهم، فقال -صلى الله عليه وسلم: "صدق، والذي نفسي بيده, لا تقوم الساعة حتى يخرج، أي: الرجل من أهله فيخبره نعله، أو سوطه، أو عصاه بما أحدث أهله من بعده".
"وأمَّا حديث ابن عمر، فأخرجه أبو سعد" بفتح، فسكون، الحافظ، العالم الزاهد, أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الل بن حفص الأنصاري الهروي، "الماليني" -بفتح الميم وكسر اللام وسكون التحتية، ونون- نسبة إلى مالين من أعمال هراة، سمع ابن عدي، والإسماعيلي، وابن نجيد، وأبا الشيخ وغيرهم، وعن الخطيب، والبيهقي وخلق، وكان ثقة متقنًا، من كبار الصوفية، مات بمصر يوم الثلاثاء، سابع عشر شوال، سنة اثنتي عشرة وأربعمائة، "والبيهقي" في الدلائل بنحوه.
"وأمَّا حديث أنس، فأخرجه أبو نعيم في الدلائل" النبوية بنحوه، "وأمَّا حديث أبي هريرة" وهو مروي على وجهين، أحدهما موافق لحديث أبي سعيد، وهو ما ذكره المصنف بعد بقوله: وروى البغوي...... إلخ، والثاني: قصة أخرى وقعت للذئب مع النبي -صلى الله عليه وسلم، وهو ما ذكره بقوله: "فرواه سعيد بن منصور" بن شعبة، أبو عثمان الخراساني، نزيل مكة، مصنف حافظ، مات سنة سبع وعشرين ومائتين، وقيل بعدها "في سننه".
"قال" أبو هريرة: "جاء الذئب، فأقعى بين يدي النبي -صلى الله عليه وسلم، وجعل يبصبص بذنبه،" أي: يحركه، يقال: بصبص الكلب بذنبه إذا حركه، كما في القاموس، "فقال -صلى الله عليه وسلم: "هذا وافد الذئاب، جاء يسألكم أن تجعلوا له من أموالكم شيئًا" لعله خاطبه بذلك أو أوحى إليه بالمعنى الذي جاء له الذئب أو أعلمه الله، بأنه يريد بتحريك ذنبه ذلك، "قالوا: والله لا نفعل، وأخذ رجل من القوم حجرًا ورماه به" خشية الحاجة، فيضَّجر المصطفى فبادر إلى صرفه عنه، أو خشي أن يأمرهم بشيء للذئاب، فلا يستطيعون "فأدبر الذئب وله عواء" بالضمِّ والمد، أي: صياح، "فقال -صلى الله عليه وسلم: "الذئب" خبر مبتدأ محذوف، أي: هذا الذئب قد رأيتموه, "وما الذئب" استفهام تفخيم لأمره، وأصله وما حاله، فوضع الظاهر موضع المضمر؛ لأنه أقوى في التفخيم على نحو: {الْحَاقَّةُ, مَا الْحَاقَّةُ} .

<<  <  ج: ص:  >  >>