للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لم يبعث الله قط أعظم منه عنده قدرًا، وقد فتحت له أبواب الجنة وأشرف على أصحابه ينظرون قتالهم, وما بينك وبينه إلّا هذا الشِّعْب، فتصير في جنود الله. قال الراعي: من لي بغنمي؟ قال الذئب: أنا أرعاها حتى ترجع، فأسلم الرجل إليه غنمه ومضى، فذكر قصته وإسلامه ووجوده النبي -صلى الله عليه وسلم يقاتل، فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم: "عد إلى غنمك تجدها بوفرها، فوجدها كذلك، وذبح للذئب شاة منها".

واستنفر -بالسين والمثناة ثم المثلثة فاء وآخره راء- كاستفعل، أي: جعل ذنبه بين رجليه كما يفعل الكلب.

وقد روى ابن وهب مثل.......................................................


بتقدير قد، "لم يبعث الله" نبيًّا "قط" من أنبيائه السابقة "أعظم، أجَلّ منه عنده قدرًا" منزلة، تمييز نسبة، "وقد فتحت" بالتخفيف والتشديد "له أبواب الجنة" جملة حالية أيضًا، "وأشرف على أصحابه، ينظرون قتالهم" وهم واقفون فيه صفوفًا كصفوف الملائكة، وفيه أنَّ الفتح حقيقي لا مجاز عن التهيئة، والإعداد كما زعم، "وما بينك وبينه إلّا هذا الشِّعْب" بكسر المعجمة، وسكون المهملة وموحدة، وهو: ما انفرج بين جبلين، يعني أنه قريب منك، لا عذر لك في التخلف عنه، فيجب عليك الذهاب إليه، "فتصير" معدودًا "في جنود الله،" حزبه المفلحين، فتخلفك مع هذا أعجب من نطقي الذي تعجبت منه.
"قال الراعي: من" يتكفَّل لي بغنمي" يحفظها أو من يرعاها لي، فمن استفهامية, حتى أذهب إليه وأجيء" قال الذئب: أنا أرعاها حتى ترجع" إليها من عنده, "فأسلم الرجل" الراعي إليه إلى الذئب غنمه، ومضى إليه -صلى الله عليه وسلم, فذكر له قصته مع الذئب وما كلَّمه به، "وإسلامه" الغنم له، "ووجوده النبي -صلى الله عليه وسلم- يقاتل" كما قاله الذئب، "فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم" بعدما قصَّ عليه وأسلم: "عد إلى غنمك تجدها بوفرها" -بفتح الواو وسكون الفاء- بتمامها وكمالها لم ينقص منها شيء من قولهم، أرض وافرة لم يرع نباتها, كذا فسروه وكأنه مراد, وإلا فالوفر الإتمام لا الالتمام، والذي بمعناه الوفور، كما في المصباح وغيره، فعاد إليها، فوجدها كذلك" تامَّة لم ينقص منها شيء وذبح للذئب شاة منها" جزاءً له على صنيعه وإرشاده للهدى.
واستثفر بالسين" المهملة" والمثناة الفوقية، "ثم المثلثة" تليها "فاء وآخره راء كاستفعل، أي: بزنته أي جعل ذنبه بين رجليه، كما يفعل الكلب" بيان للمراد باستثفار الذئب، وإن أطلق الاستثفار على معان آخر في اللغة، ثم قال عياض: "وقد روى ابن وهب مثل

<<  <  ج: ص:  >  >>