للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأسلم الأعربي. الحديث بطوله, وهو مطعون فيه, وقيل: إنه موضوع. لكن معجزاته -عليه


أفلح فاز بسعادة الدارين "مَنْ صدقك:" أقرَّ برسالتك، "وخاب:" لم ينجح، ولم يظفر بالمأمول "من كذبك" بإنكار رسالتك، وعدم إجابة دعوتك، "فأسلم الأعرابي" لما رأى المعجزة البينة, وعلم علمًا ضروريًّا بتوحيد الله، وأنه رسوله، "الحديث بطوله" تتمته عند الدارقطني وابن عدي، ومن بينهما, فقال الأعرابي: أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله حقًّا، ولقد أتيتك وما على وجه الأرض أحد هو أبغض إلي منك، والله لأنت الساعة أحب إلي من نفسي، وولدي، وشعري، فقد آمن بك شعري وبشري، داخلي وخارجي، وسري وعلانيتي، فقال -صلى الله عليه وسلم: "الحمد لله الذي هداك إلى هذا الدين الذي يعلو ولا يعلى عليه، ولا يقبله الله إلا بصلاة، ولا يقبل الصلاة إلّا بقرآن" , قال: فعلمني، فعلمه -صلى الله عليه وسلم- الفاتحة والإخلاص، فقال: يا رسول الله, ما سمعت في البسط ولا في الوجيز أحسن من هذا، فقال -صلى الله عليه وسلم: "هذا كلام رب العالمين وليس بشعر، إذا قرأت {قُلْ ُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} الآية. مرة، فكأنما قرأت ثلث القرآن، وإن قرأتها مرتين، فكأنما قرأت ثلثي القرآن، وإن قرأتها ثلاثًا، فكأنما قرأت القرآن كله", فقال الأعرابي: نِعْمَ الإله إلاهنا, يقبل اليسير ويعطي الكثير، ثم قال -صلى الله عليه وسلم: "ألك مال" , فقال: ما في سليم قاطبة أفقر مني، فقال لأصحابه: "أعطوه" , فأعطوه حتى أثروه، فقال عبد الرحمن بن عوف: إني أعطيه يا رسول الله ناقة عشراء، أهديت إلي يوم تبوك، تلحق ولا تلحق، أتقرَّب بها إلى الله دون البختي وفوق العرابي، فقال -صلى الله عليه وسلم: "قد وصفت ما تعطي، فأصف لك ما يعطيك الله" , قال: نعم، قال: "لك ناقة من درة جوفاء، قوائمها من زمرد أخضر، وعنقها من زبرجد أصفر، عليها هودج، وعلى الهودج السندس والإستبرق، تمر بك على الصراط كالبرق الخاطف"، فخرج الأعرابي من عند رسول الله، فتلقَّاه ألف أعرابي من بني سليم، على ألف دابّة، بألف رمح وألف سيف، فقال لهم: أين تريدون، فقالوا: نريد هذا الذي يكذب، ويزعم أنه نبي، فقال الأعرابي: إني أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، فقالوا: صبوت, فحدَّثت بحديثه، فقالوا كلهم: لا إله إلا الله محمد رسول الله, ثم أتوا النبي -صلى الله عليه وسلم, فتلقاهم بلا رداء, فنزلوا عن ركائبهم يقبّلون ما ولوا منه، وهم يقولون: لا إله إلا الله محمد رسول الله، وقالوا: يا رسول الله, مرنا بأمرك، قال: "كونوا تحت راية خالد بن الوليد"، قال ابن عمر: فلم يؤمن في أيامه -صلى الله عليه وسلم- من العرب، ولا من غيرهم ألف غيرهم، "وهو مطعون فيه" بالضعف.
"وقيل: إنه موضوع" زعم ذلك ابن دحية، وليس كما زعم، قال القطب الخضيري: رجال أسانيده، وطرقه ليس فيهم من يتهم بالوضع، وأما الضعف، ففيهم, ومثل ذلك لا يتجاسر على دعوى الوضع فيه، "لكن معجزاته -عليه الصلاة والسلام- فيها ما هو أبلغ من هذا،" فلا

<<  <  ج: ص:  >  >>