للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلم نترك فيها قطرة، فقعد رسول الله صلى الله عليه وسلم على جباها، قال البراء: وأتي بدلو منها فبصق فدعا، وقال سلمة: فإما دعا وإما بصق فيها، فجاشت فأرووا أنفسهم وركابهم، وقال في رواية البراء: ثم مضمض ودعا ثم صبه فيها ثم قال: "دعوها ساعة".

قوله: "على جباها" -بفتح الجيم والموحدة والقصر- ما حول البئر، وبالكسر: ما جمعت فيه من الماء.

وقوله:


مائها، "فلم نترك فيها قطرة، رسول الله صلى الله عليه وسلم على جباها، قال البراء: وأتى" بالبناء للمفعول "بدلو منها" أي: بماء مما نزحوه، "فبصق" بالصاد، وفي رواية بالسين وهما لغتان، أي: ألقى ريقه، "فدعا" الله سرًا بعد بصاقه، فجمع بينهما على رواية البراء، وليس هنا أداة شك، فلا يصح احتمال أنه شك من الراوي هل بصق أو دعا؛ لقوله: "وقال سلمة: فإما دعا وإما بصق" بكسر الهمزتين، بيان للشك في الرواية؛ لأنه لا يلزم من وقوع الشك في رواية سلمة منه، أو ممن بعده وقوعه في رواية البراء، كما هو ظاهر "فيها" أي: البئر لا الدلو، كذا قيل، "فجاشت" البئر، أي: فار ماؤها وارتفع لفمها، "فأرووا أنفسهم" بشربهم "وركابهم" إبلهم لسقيهم منها، "وقال في رواية البراء: ثم مضمض ودعا" الله سرًا، "ثم صبه" الماء الذي توضأ وتمضمض به "فيها" أي: البئر، "ثم قال: "دعوها ساعة" مقدارا من الزمان، وفي رواية للبراء: فتركناها غير بعيد، ثم إنها أصدرتنا، ولفظ البخاري من طريق إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن البراء، قال: تعدون أنتم الفتح فتح مكة، وقد كان فتح مكة فتحًا، ونحن نعد الفتح بيعة الرضوان يوم الحديبية، كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم أربع عشرة مائة، والحديبية بئر، فنزحناها فلم نترك فيها قطرة، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فأتاها، فجلس على شفيرها، ثم دعا بإناء من ماء فتوضأ، وتمضمض، ودعا ثم صبه فيها فتركناها غير بعيد، ثم إنها أصدرتنا ما شئنا ونحن وركابنا، ولفظه من طريق زهير: حدثنا أبو إسحاق: أنبأنا البراء أنهم كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، يوم الحديبية ألفًا وأربعمائة أو أكثر، فنزلوا على بئر فنزحوها، فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فأتى البئر وقعد على شفيرها، ثم قال: "ائتوني بدلو من مائها"، فأتي به، فبصق، ثم قال: "دعوها ساعة"، فأرووا أنفسهم وركابهم، حتى ارتحلوا، ولفظ مسلم عن سلمة: قدمنا الحديبية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن أربع عشر مائة، وعليها خمسون شاة لا ترويها، فقعد صلى الله عليه وسلم على جبا الركية، فإما دعا وإما بصق فيها، فجاشت فسقينا واستقينا.
"قوله: على جباها، بفتح الجيم والموحدة والقصر: ما حول البئر، وبالكسر: ما جمعت فيها" عبارة غيره: ما جمع فيها "من الماء" وروى شفاها بمعجمة وهما بمعنى، "وقوله:

<<  <  ج: ص:  >  >>