وفي الصحيحين عن عمران بن الحصين قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فاشتكى إليه الناس من العطش، فنزل فدعا فلانا -كان يسميه أبو رجاء.
وركابهم، أي: الإبل التي يسار عليها. وفي الصحيحين" البخاري في التيمم وعلامات النبوة، ومسلم في الصلاة من حديث عوف: حدثنا أبو رجاء، "عن عمران بن حصين" بن عبيد، بن خلف الخزاعي، أسلم عام خيبر، وكان من فضلاء الصحابة وفقهائهم، يقول أهل البصرة عنه: كان يرى الحفظة، وتكلمه حتى اكتوى، روي له مائة وثمانون حديثًا في البخاري اثنا عشر، مات بالبصرة سنة اثنتين وخمسين، "قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر" اختلف في أنه الحديبية، ففي مسلم عن ابن مسعود: أقبل صلى الله عليه وسلم من الحديبية ليلا، فنزل، فقال: "من يكلؤنا"؟، فقال بلال: أنا ... الحديث، أو بطريق مكة؛ كما في الموطأ عن زيد بن أسلم مرسلا، أو بطريق تبوك؛ كما رواه عبد الرزاق عن عطاء بن يسار مرسلا، والبيهقي عن عقبة بن عامر، أو في جيش الأمراء؛ كما في أبي داود، وتعقبه أبو عمر؛ بأنها مؤتة، ولم يشهدها النبي صلى الله عليه وسلم، وهو كما قال؛ لكن يحتمل أن المراد بها غيرها، ذكره الحافظ، وقول المصنف: أو عند رجوعهم من خيبر، كما في مسلم، لا وجه له؛ إذ في قصة عمران قال: أول من استيقظ أبو بكر، ورواية مسلم: أول من استيقظ النبي صلى الله عليه وسلم، فلا يصح تفسير السفر المبهم هنا بما في مسلم، ولذا لم يذكر الحافظ هنا، وإنما ذكره استدلالا على تعدد الواقعة، أي: نومهم عن صلاة الصبح، كما مر بيانه في آخر المقصد الثالث، "فاشتكى" حذف من الحديث ما لم يتعلق به غرضه هنا، وهو: وإنا أسرينا حتى كنا في آخر الليل، وقعنا وقعة، ولا وقعة أحلى عند المسافر منها، فما أيقظنا إلا حر الشمس، فكان أول من استيقظ من منامه أبو بكر، ثم فلان، ثم فلان، يسميهم أبو رجاء، فنسي عوف، ثم عمر بن الخطاب الرابع، وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا نام لم يوقظ حتى يكون هو يستيقظ؛ لأنا لا ندري ما يحدث له في نومه، فلما استيقظ عمر، ورأى ما أصاب الناس، وكان رجلا جليدًا، فكبر ورفع صوته بالتكبير حتى استيقظ بصوته النبي صلى الله عليه وسلم، فلما استيقظ شكوا إليه الذي أصابهم، فقال: "لا ضير أو لا تضير ارتحلوا" فارتحل، فسار غير بعيد، ثم نزل فدعا بالوضوء، فتوضأ، ونودي بالصلاة، فصلى بالناس، فلما انتقل من صلاته إذا هو برجل لم يصل، فقال: "ما منعك أن تصلي"؟ قال: أصابتني جنابة ولا ماء، قال: "عليك بالصعيد، فإنه يكفيك"، ثم سار فاشتكى "إليه الناس من العطش" أي: ما أصابهم من الشدة الحاصلة بسببه، "فنزل عليه السلام، فدعا فلانًا كان يسميه أبو رجاء" بفتح الراء، وخفة الجيم والمد، عمران بن ملحان، بكسر الميم، وسكون اللام، وبالحاء المهملة العطاري، ويقال: اسم أبيه تيم، وقيل غير ذلك في اسم أبيه مخضرم، أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ولم يره، وأسلم بعد الفتح، وهو ثقة معمر،